كريمة كمال ـ المصري اليوم ـ
فى حوارها مع لميس الحديدي، اعترفت السفيرة مشيرة خطاب بأن هناك ثلاثة أسباب للهزيمة، وهى الأسباب التى كما قالت دفعت للإحجام عن التصويت لمصر.. هذه ثلاثة ملفات.. ملف إغلاق المكتبات وملف قانون الجمعيات الأهلية وملف انتهاكات حقوق الإنسان.. ما اعترفت به مرشحة الدولة لخوض انتخابات اليونسكو لم يكن جديدا على الكثيرين ممن كتبوا ذلك على مواقع التواصل الاجتماعى أو القليلين الذين عبروا عنه فى مقالات.. كان هناك تساؤل مطروح: هل يمكن مع وجود هذه الملفات الثلاثة أن تفوز مرشحة الدولة؟ هل يصوت الأعضاء فى منظمة الثقافة والعلوم لمرشحة دولة أغلقت المكتبات بالضبة والمفتاح؟
هل يصوت الأعضاء لدولة سنّت قانونا يشل المجتمع المدنى تماما ويوقفه عن العمل، ناهيك عن ملاحقة أعضائه بالمنع من السفر؟ هل يصوت الأعضاء لدولة تلاحقها تقارير المنظمات الدولية بالإدانة فيما يخص حقوق الإنسان؟ لم يكن خافيا على الكثيرين أن هذه الملفات الثلاثة ستقف عائقا أمام مرشحة الدولة المصرية فى انتخابات اليونسكو، وحينما عبر البعض عن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعى خرجت الجوقة الليلية لتتهمهم بعدم الوطنية، لأنهم لا يدعمون مرشحة مصر وهناك فارق كبير بين ألا تدعم مرشحة بلدك وبين أن تتوقع ما سيحدث نتيجة لممارسات دولتك.. هناك فارق كبير بين أن تكون وطنيا فتقف مع دولتك ظالمة أو مظلومة وبين أن تكون وطنيا تحلم بألا يكون وطنك محلا لممارسات يدينها العالم ويجد فيها نقطة سوداء ضدك.. الدول تصل إلى المناصب العالمية بما يجرى فيها داخليا بمدى ديمقراطيتها وتفعيلها للقانون والدستور وتطبيقها لمبادئ حقوق الإنسان ولم يعد هناك شىء يمكن أن يكون خافيا وكل شىء معلوم ومعروف بالضرورة.
هل نحزن على هزيمة «مشيرة خطاب»؟ هل نحزن على فقد مصر فرصة الفوز بالمنصب الدولى بسبب الملفات الثلاثة أم نحزن لوجود هذه الملفات الثلاثة أصلا؟ الحزن من أجل فقد المنصب الدولى أقل كثيرا من الحزن لفقد فرصة أن نتحول لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وعلى رأسها حرية الرأى والتعبير وحرية أن يعبر المواطن عن أى رأى مخالف لرأى السلطة دون أن يتم التنكيل به وحرية العمل الأهلى فى المشاركة فى مقدرات الأمور والمساهمة فى تشكيل القوانين والقرارات التى تمس حياة المواطن وحرية إقامة المكتبات لرفع الوعى وتثقيف المواطن، ولن أتحدث هنا عن أهمية ترك الحرية للمواقع الإلكترونية حتى المعارضة منها بدلا من إغلاق المئات منها كما جرى وهو وإن كان لم يرد على لسان السفيرة مشيرة خطاب كأحد الأسباب التى ساهمت فى عدم التصويت لمصر إلا أنه من المؤكد أن إغلاق المواقع قد ساهم فى رسم صورة دولية للدولة المصرية وحجم الحرية المتاح فيها.
كنت أتمنى أن يلتفت القائمون على أمور مصر إلى خطورة وجود هذه الملفات الثلاثة أولا على الواقع فى الداخل وتأثيرها على حياة المواطن بالدرجة الاولى عندما توقع الكثيرون أن هذه الملفات الثلاثة سوف تكون عائقا ضد نجاح مرشحة الدولة المصرية بدلا من أن يتحول الأمر إلى تخوين لمن توقع هذا وسحب الوطنية منهم واتهامهم بالعمل على هدم الدولة والتآمر ضدها ضمن من يتآمرون عليها.. الدرس المستفاد حقا من هزيمتنا فى اليونسكو أن ما يجرى فى الداخل يجب تغييره بفتح المجال العام أمام العمل السياسى وعدم ملاحقة أعضاء الأحزاب وعدم ملاحقة كل من يقول رأيا مخالفا حتى على مواقع التواصل الاجتماعى وتصل الملاحقة للحبس الاحتياطى لسنوات أو صدور أحكام بالحبس حتى خمس سنوات وإعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية الذى قضى تماما على العمل الأهلى والذى كانت الحكومة نفسها ضده ممثلة فى وزارة التضامن التى كانت قد تقدمت بقانون آخر أقل وطأة من هذا القانون الذى قدمه البرلمان.. هل نعى الدرس وقد شهد شاهد من أهلها؟
______________
Photo Credit: MCNDirect.com
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1206854