المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ
التقرير يوصي بتشكيل لجنة مشتركة للتعويضات تضم ممثلين عن الحكومة والأهالي لتحديد تعويضات متناسبة مع حجم الممتلكات ـ
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريرًا بعنوان: “من التهجير إلى العزلة! عام على التهجير القسري لأقباط العريش” يرصد الظروف المعيشية للأقباط المهجَّرين بعد مرور عام، ويحاول أن يستكشف ماذا قدمت إليهم مؤسسات الدولة، وهل اتخذت خطوات فعلية لتحقيق العدالة وجبر الضرر الواقع على هؤلاء المواطنين. كما أطلقت بالتزامن مع هذا التقرير مادة فيلمية مصورة تتضمن عددًا من الشهادات للضحايا في أماكن إقامتهم في محافظات الإسماعيلية والقاهرة والجيزة.
ينقسم تقرير المبادرة المصرية إلى جزأين: الأول يناقش أوضاع الأعداد القليلة من المسيحيين الذين لا يزالون يعيشون في مدينة العريش والاعتداءات التي حدثت خلال عامٍ منذ وقائع التهجير وحتى نهاية فبراير الجاري، وكذلك الأوضاع المعيشية للمهجَّرين في المناطق التي انتقلوا إليها. أما الجزء الثاني فيسعى إلى تحليل تدخلات الأجهزة الحكومة من حيث الإجراءات المرتبطة بالحق في العدالة والوصول إلى المتورطين في هذه الاعتداءات، أو الحق في جبر الضرر عن طريق منح تعويضات متناسبة مع حجم الأضرار التي تعرض لها الضحايا، وقبل ذلك اتباع قواعد المكاشفة والمصارحة بالاعتراف بحجم المشكلة والإجراءات الواجب اتخاذها لإزالة هذا الضرر.
وخلصت المبادرة المصرية في تقريرها هذا إلى عدة نتائج:
– بعد عام على أحداث التهجير ما زال الوضع الأمني غير مستقر، ولا يوفر الحد الأدنى من الحماية اللازمة للمسيحيين، لذلك لم تتمكن الأسر المهجَّرة من العودة إلى مدينة العريش مرة ثانية، وبعض الحالات التي قررت العودة تعرضت للاستهداف وصولًا إلى القتل على أيادي ملثمين.
– ترتب على عدم توصيف مؤسسات الدولة الأزمةَ بشكل واقعي ودقيق، عدمُ وضوح الإطار القانوني المنظِّم للتعامل مع الضحايا، والتدخلات التالية للمسئولين الأمنيين والتنفيذيين. بالتالي فقد تم التعامل مع تهجير الأقباط القسري كأنه حدث عابر سينتهى خلال أيام قليلة، وسيعود المهجَّرون إلى ديارهم، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
– جاءت تدخلات المسئولين التنفيذيين والقيادات الإدارية أثناء التهجير متأثرةً بالضجة الإعلامية التي أثارها مشهد الأسر المهجَّرة، وقد نجحت الحكومة في دعم قطاعٍ من الأسر المهجَّرة بتوفير سكن، وسبل عيش للقطاع الكبير منهم، لكنها فشلت في وضع خطة متكاملة للتعامل مع الأزمة، وتم التعامل مع الأهالي كمتلقي إعانات وليس كمستحقي تعويضات مناسبة لحجم ممتلكاتهم وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم الجديدة، وتوفير فرص عمل تكفُل لهم سبل الحياة الكريمة.
– كما أدى غياب هذا الخطة المتكاملة إلى اختلاف طريقة التعامل مع الضحايا حسب المحافظة التي انتقلوا إليها، فأصدر بعض المحافظين قرارات بتقديم إعانات مالية شهرية تستخدم كتكلفة إيجار شقة، والبعض الآخر قدم شققًا إلى الأهالي للإقامة المؤقتة، وهناك من تجاهل الضحايا أصلًا.
– بالرغم من مرور عام على وقائع القتل العمدي على الهوية الدينية والتهجير، لم تُعلِن جهات التحقيق أي بيانات عن مصير هذه التحقيقات: هل تم تحديد الأطراف المحرِّضة والفاعلة لهذه الجرائم، سواء كانت جماعات أو أفرادًا؟ هل تمكنت جهات التحقيق من معاينة مسرح عمليات الاستهداف؟ هل هناك أطراف تم القبض عليها بشأن هذه الاعتداءات؟ فغياب الإجابات عن هذه الأسئلة يثير شكوكًا حول تمكين مؤسسات العدالة من القيام بواجباتها في التحري والتحقيق واستدعاء المشتبه بهم والمتهمين وصولًا إلى الإحالة إلى المحكمة المختصة.
ويوصى التقرير:
– تشكيل لجنة مشتركة للتعويضات، تضم ممثلين عن الحكومة والأهالي، تكون مهمتها التواصل مع المهجَّرين، وتحديد تعويضات متناسبة مع حجم الممتلكات إلى من يريد التصرف في ممتلكاته، وعدم العودة إلى العريش مرة أخرى. وكذلك منح إعانات تكفل سبل الحياة الكريمة لمن يريد الاحتفاظ بممتلكاته، مع تذليل العقبات التي تحول دون الاستفادة من الخدمات الحكومية، وتوفير فرص عمل قريبة من أماكن الإقامة للمهجَّرين.
– التعامل بشفافية، وإعلان جهات البحث والتحقيق ما توصلت إليه، وتحديد مسئولية المتورطين في هذه الاعتداءات وتقديمهم إلى العدالة.
جدير بالذكر أن المبادرة المصرية قد أصدرت تقريرها: “موتٍ مُعلَنٍ.. تقرير تحليلي عن وقائع القتل والتهجير القسري بحق أقباط العريش” في مايو 2017، تناول التقرير الوقائع المعلنة لاستهداف أقباط محافظة شمال سيناء بأشكال مختلفة من الترهيب بدءًا من منع ممارسة الشعائر الدينية وحرق الكنائس والاعتداء على الممتلكات والخطف مقابل الفدية ووصولًا إلى التهجير القسري والقتل على الهوية الدينية.
_________