عقدت لجنة توم لانتوس لحقوق اﻹنسان في الكونجرس اﻷمريكي جلسة استماع، مساء أمس اﻷربعاء، بخصوص أوضاع حقوق اﻹنسان في مصر منذ ثورة يناير 2011.
وانتقد الخبراء الذين تحدثوا خلال الجلسة صورًا مختلفة من انتهاكات حقوق اﻹنسان خصوصًا بعد اﻹطاحة بالرئيس اﻷسبق محمد مرسي في يونيو 2013. من جانبها، استبقت الخارجية المصرية الجلسة ببيان نُشر أمس، وصفتها بـ «غير المحايدة».
تأتي الجلسة على خلفية انتقادات متعددة تواجهها مصر في ما يتعلق بانتهاكات مستمرة يتعرض لها المعارضون السياسيون في مصر خلال اﻷعوام الماضية، وبعد أشهر قليلة من قرار الكونجرس بحجب جزء من المعونة اﻷمريكية بسبب زيادة الانتهاكات.
وتأسست لجنة الكونجرس لحقوق اﻹنسان عام 1983 بواسطة عضو الكونجرس السابق توم لانتوس، وهي تكتل انتخابي يشارك فيه الحزبين الجمهوري والديمقراطي لدعم حقوق اﻹنسان في العالم. وعلى الرغم من أن اللجنة لا تملك إجبار الحكومة اﻷمريكية على أي سياسات، إلا أنها تمكنت من تحقيق انتصارات هامة في عدد من المناسبات. وتغير اسم اللجنة لتحمل اسم مؤسسها بعد وفاته عام 2008.
وتحدثت إيمي هوثورن، نائبة مدير البحث بمشروع ديمقراطية الشرق اﻷوسط، خلال الجلسة، مشيرة إلى ما اعتبرته «إطارًا قانونيًا» صممه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لتوفير غطاء قانوني لانتهاكات حقوق اﻹنسان في مصر.
وأضافت هوثورن أن مجلس النواب المصري لعب دورًا كبيرًا في تصميم هذه البيئة القانونية القمعية بهدف حماية أصحاب السلطة وقمع اﻷصوات المعارضة.
أشارت هوثورن كذلك إلى ثلاثة قوانين أساسية؛ هي قانون الجمعيات، والذي يهدف إلى التخلص من منظمات المجتمع المدني المستقلة، وقانون الهيئات الشبابية الذي أُقر قبل أيام ويمنع القيام بأي نشاط سياسي أو إجراء نقاش حول اﻷمور السياسية في مراكز الشباب، وقانون الجنسية والذي يفتح الباب أمام نزع الجنسية المصرية عن المعارضين السياسين، طبقًا لما قالته. وطالبت هوثورن الحكومة اﻷمريكية بالضغط على مصر فيما يتعلق بقوانين منع التظاهر والجمعيات اﻷهلية ومكافحة اﻹرهاب، بسبب انتهاكها لمعايير حقوق اﻹنسان.
كما تحدث جورج جرجس، رئيس منظمة «أقباط متحدون»، عن اضطهاد تتعرض له اﻷقليات الدينية في مصر. وأشار إلى مذبحة ماسبيرو، حيث قُتل عشرات اﻷقباط أمام مبنى اﻹذاعة والتليفزيون بوسط القاهرة عام 2011، معتبرًا أنها مثلت رسالة لتأكيد أن الدولة لا ترغب في ممارسة اﻷقباط لحقوقهم السياسية.
ونقل جرجس عن بهي الدين حسن، رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق اﻹنسان، قوله إن قانون بناء الكنائس الذي أصدره البرلمان المصري قبل عام اعتبر للمرة اﻷولى أن اﻷقباط طائفة وليسوا مواطنين على قدم المساواة مع سواهم، مشيرًا إلى تجاهل البرلمان المطالب بإصدار قانون موحد لدور العبادة يساوي بين أتباع الأديان المختلفة.
وتحدث جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق اﻷوسط وشمال أفريقيا السابق في منظمة «هيومان رايتس واتش»، في الجلسة مشيرًا إلى أن عدد المسجونين السياسيين منذ يوليو 2013 وصل إلى 67 ألف سجين على أقل تقدير.
كما اعتبر ستورك أن النظام المصري يستخدم الحبس الاحتياطي كوسيلة للعقاب دون محاكمة، مشيرًا إلى حبس آية حجازي وزوجها لمدة ثلاث سنوات قبل أن يتم تبرئتهما، وحبس إسماعيل اﻹسكندراني، الصحفي والباحث، لمدة عامين بتهمة نشر أخبار كاذبة.
أشار ستورك أيضًا إلى ارتفاع معدلات القبض على مثليين جنسيًا بتهم نشر الفجور خلال السنوات الأربعة الماضية بما يزيد على خمسة أضعاف المعدل خلال العقد السابق.
ستورك تحدث أيضًا عن تعذيب المتهمين في مقرات اﻷمن الوطني أثناء التحقيق معهم، ومقاضاة المحامي نجاد البرعي واثنين من القضاة بسبب تقدمهم بمشروع قانون لمكافحة التعذيب، وكذلك إغلاق عيادة مركز النديم ﻹعادة تأهيل ضحايا التعذيب والعنف. كما ناقش سوء اﻷحوال التي يتعرض لها المساجين السياسيين في السجون المصرية.
وقدمت ميشيل دن، مديرة برنامج الشرق اﻷوسط في مركز كارنيجي للسلام الدولي، عددًا من التوصيات للإدارة والكونجرس اﻷمريكي لدفع مصر لإنهاء انتهاكات حقوق اﻹنسان فيها.
أشارت دن إلى أن الولايات المتحدة دفعت إلى الحكومة المصرية ما يقرب من 47 مليار دولار في صورة معونات منذ السبعينيات.
وأوصت دن الحكومة اﻷمريكية بالتأكد من أن معوناتها اﻷمنية للحكومة المصرية لا تُستخدم في انتهاكات حقوق اﻹنسان، والتصرف بخصوص استهداف مواطنين أمريكيين في مصر سواء أفراد أو عاملين في مؤسسات أو منظمات مجتمع مدني.
دن أشارت أيضًا إلى أن الشروط التي يُقرها الكونجرس تفضي إلى نتائج وتأثيرات حقيقية، كما حدث مع قانون الجمعيات اﻷهلية، والذي أقره السيسي، لكنه لم يُفعله حتى اﻵن بسبب ما وصفته بالضغوط اﻷمريكية.
وطلبت دن من الكونجرس حجب المزيد من المعونة اﻷمريكية إلى مصر وربط إرسالها بتحسن حالة حقوق اﻹنسان.
وقبل عقد الجلسة بساعات، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا قالت فيه إنها تتوقع أن تكون جلسة الاستماع «حلقة جديدة من حلقات التشويه المتعمد للأوضاع فى مصر».
وأضاف البيان أن منظمي الجلسة تعمدوا قصر الدعوة على قائمة شهود من النشطاء والمحللين الأمريكيين «المعروف عنهم مواقفهم المناوئة للحكومة المصرية».
كما أوضح البيان أن السفارة المصرية في واشنطن حرصت خلال اتصالاتها في اﻷيام الماضي على «إبراز الصورة الحقيقية لطبيعة الأوضاع في مصر، وتصحيح المفاهيم المغلوطة المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان، فضلاً عن توزيع ورقة تعريفية تستعرض مختلف أوجه التقدم في التجربة الديمقراطية في مصر».
كانت الإدارة الأمريكية قررت في أغسطس الماضي إلغاء ما قيمته 95.7 مليون دولارًا من المنح والمساعدات المقدمة لمصر، بالإضافة إلى تأجيل صرف 195 مليون دولار، ضمن برنامج المساعدات العسكرية، بسبب «فشل مصر في إحراز تقدم في احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية»، بحسب ما نقلته وكالة «رويترز» نقلًا عن مصادر في إدارة ترامب.
_____________________
https://www-madamasr-com.cdn.ampproject.org/c/s/www.madamasr.com/ar/2017/12/07/news/u/%D9%85%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%A7%EF%BB%B7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9/amp