in Arabic مش كله تمام يا فندم!

مش كله تمام يا فندم!

-

سحر الجعارة – الوطن ـ

حين تسيل دماء الأبرياء على الأرض، وتُنتهك الحرمات، وتُستحل الأموال والأعراض والأرواح.. لا تحدثنى عن «بيت العائلة»، ولا عن «المجلس القومى لمواجهة التطرف والإرهاب».. لا تخاطب الأيتام والأرامل والثكالى بـ«لغة الأمن».. لأنهم ببساطة لا يعرفون لماذا يصلون فى الشارع، أو يُهجّرون من منازلهم؟ لماذا يعانون «الاضطهاد» و«القتل على الهوية» فى عهد 30 يونيو.. رغم أن القيادة السياسية تحاول رفع القهر عنهم وفرض المساواة (على الأقل فى بناء دور العبادة)؟

هل تزعجكم ألفاظ الاضطهاد والقتل على الهوية، لأنها لا تتفق وهوى الأمن الذى يعتبر أن الصدام الدموى «مجرد مناوشات»، وأن حضوره كافٍ لفرض «السيطرة»؟.. ومن قال إن المطلوب أصلاً «سيطرة أمنية»؟!

للمرة الألف أقولها.. ملف الأقباط «سياسى» وليس «أمنياً»، وحقوق المواطنة لا تأتى بقرار من رئيس الجمهورية، إنها «ثقافة مجتمعية».. ثقافة تقول إنه لا يجوز أن ترمى الأطفال المسيحيين فى «حوش المدرسة» حتى ينتهى إخوانهم المسلمون من «حصة الدين»!. وتطلق علينا «أبواق التكفير» من المنابر الإعلامية ومن ميكروفونات المساجد، وتفرض على المسيحى أن يصلى سراً، وكأنه يسرق صلاته، لأن بناء الكنائس مهمة «شبه مستحيلة»، خصوصاً فى قرى الصعيد النائية.. والبديل أن يصلوا معاً، ويقيموا شعائرهم فى أى منزل.. حتى تنكشف «الجريمة – أى الصلاة»، فيتجمهر «المسلمون»، ولا تقول بعض المتطرفين أو الإخوان، عقب صلاة الجمعة غالباً، لأنها نقطة الصف لأى حركة جماهيرية.. وإذا بهذا الشعب المتدين بالفطرة الذى لا يزال على وضوئه ينقض على مكان صلاة المسيحيين «رغم بساطته»، ينهش ما تطاله الأيادى من أموال ومشغولات ذهبية، ويحطم الأيقونات المقدّسة والثمينة، وينفجر الداعشى الذى يعيش بداخله، فينتقل إلى منازل الأقباط فى المنيا (تم تحطيم الأجهزة المنزلية بأربعة منازل ونهب كمية من المشغولات الذهبية والأموال، حسب بيان إيبارشية المنيا وأبوقرقاص للأقباط الأرثوذكس، برئاسة الأنبا مكاريوس، الأسقف العام).. ينتشر التيار الداعشى ليروّع الأبرياء ويقتل الياسمين ويقطع شرايين اللُحمة الوطنية.. يحرق الأرض الخضراء.. فلا يتبقى من بعد غزوتهم الغاشمة إلا الإحساس بالاضطهاد والكفر بكلمة «وطن»!. ثم يأتى الأمن، الذى منع أصلاً بناء كنيسة فى قرية «دمشاو هاشم» بمحافظة المنيا، مثلما منعها من قبل السيد المحافظ ليصلى أقباط قرية «الفرن»، بمحافظة المنيا، فى الشارع، لأن سيادة المحافظ قام بإغلاق الكنيسة، لأنها ليست حاصلة على ترخيص!.

وقتها قال محافظ المنيا السابق: إن (الترخيص ليس للصلاة، لكن خاص بدور العبادة)، ليؤكد أننا فى دولة عنصرية بامتياز، وأن المسيحى يجب عليه أن يأخذ تصريحاً من «السيد اللواء الوزير المحافظ»، الذى بالقطع يصلى فى ظل «حراسة مشددة» بحكم منصبه، لكن «الآخر» المختلف معه فى العقيدة يحتاج إلى ترخيص ليقف بين يدى الله ويمارس شعائر دينه بطريقته!. ما أصعب أن تكتب فى يوميات رعبك وموتك البطىء أنك مُت فقط لتصعد إلى السماء علك تجد المكان أكثر رحابة وأمناً ويتسع لصلاتك!.

ما أصعب أن أكتب أنا كل مرة بحروف تقطر دماً وحزناً على إخوتى وأحبتى، وأنا أرى عذابهم وأقف مكتوفة الأيدى لا أملك إلا كلمة!. هل نأتى بأقباط الصعيد ليصلوا فى «العاصمة الإدارية الجديدة».. فإن أمكن ذلك، هل نسينا أن البابا «تواضروس» الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، نفسه كان عرضة للاغتيال أثناء محاولة تفجير الكنيسة المرقسية «المقر البابوى» بالإسكندرية!.

دعونا نعترف.. نحن أضعف من القضاء على «ثقافة التكفير»، التى تشعل نيران الفتنة الطائفية، لأننا فى مجتمع سلفى، تحكمه مناهج دموية يدرسها الأزهر، ويتحكم فيه رجال «ذوو حصانة» لا يملون تكفير الأقباط.. ونحن مللنا المطالبة بتنقية صفوف المؤسسة الدينية الرسمية من «الإخوان».. فهؤلاء معول هدم يسعى لإفشال الدولة.

مللنا المطالبة بإعلام تنويرى، وثقافة تنشر المحبة وقبول الآخر، وجرتنا مطالبنا بالقضاء على «حزب الكراهية» إلى المحاكم.. فالدولة لا تحمى المثقفين مثلما لا تحمى الأقباط.. لماذا؟.. لأنها تشعر أن «كله تحت السيطرة».. ولأن «كله تمام يا فندم». رفع الأقباط شعار «الاضطهاد» فى عهد الرئيس «عبدالفتاح السيسى».. ربما يصل صوتهم إليه ليعرف أن بعض الأمور «خارج السيطرة»، وهى أمور مصيرية، لأنها تتعلق أولاً بالأرواح، ثم إن: (حقوق الأقباط قضية أمن قومى، وخطورتها أنها تسىء إلى سمعة مصر، وتستدعى انتقادات وتدخل الخارج، وتتناقض مع الدستور، ومع كل المواثيق الدولية التى وقعتها مصر.. إلخ).

الآن أستطيع أن أبكى، وأنا أسمع صرخات أطفال قرية «دمشاو هاشم»، وتهديدهم بالقتل، وتتراءى فى مخيلتى كلمة «ارحل» على جدران منازلهم الفقيرة، وتتردّد فى أذنى فتاوى المتطرفين، التى وصفتهم بـ«الذميين»، وتنظيم داعش، الذى أهدر دماءهم تحت لافتة قتل من سماهم بـ«الصليبيين فى مصر».. الغريب أن كل هذه الشعارات الإرهابية تختلط فى أذنى بصوت شيخ الأزهر ورجاله، وتصريحات رجال الأمن الوردية.. لأعود فأبكى على بلد ينهار!.

هل تبحثون عن «الاصطفاف الوطنى» ضد الإرهاب؟.. اعلموا أولاً: (مش كله تمام يا فندم)!!

https://www.elwatannews.com/news/details/3636316

?s=96&d=mm&r=g مش كله تمام يا فندم!

1 COMMENT

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

You might also likeRELATED
Recommended to you

سحر الجعارة – الوطن ـ

حين تسيل دماء الأبرياء على الأرض، وتُنتهك الحرمات، وتُستحل الأموال والأعراض والأرواح.. لا تحدثنى عن «بيت العائلة»، ولا عن «المجلس القومى لمواجهة التطرف والإرهاب».. لا تخاطب الأيتام والأرامل والثكالى بـ«لغة الأمن».. لأنهم ببساطة لا يعرفون لماذا يصلون فى الشارع، أو يُهجّرون من منازلهم؟ لماذا يعانون «الاضطهاد» و«القتل على الهوية» فى عهد 30 يونيو.. رغم أن القيادة السياسية تحاول رفع القهر عنهم وفرض المساواة (على الأقل فى بناء دور العبادة)؟

هل تزعجكم ألفاظ الاضطهاد والقتل على الهوية، لأنها لا تتفق وهوى الأمن الذى يعتبر أن الصدام الدموى «مجرد مناوشات»، وأن حضوره كافٍ لفرض «السيطرة»؟.. ومن قال إن المطلوب أصلاً «سيطرة أمنية»؟!

للمرة الألف أقولها.. ملف الأقباط «سياسى» وليس «أمنياً»، وحقوق المواطنة لا تأتى بقرار من رئيس الجمهورية، إنها «ثقافة مجتمعية».. ثقافة تقول إنه لا يجوز أن ترمى الأطفال المسيحيين فى «حوش المدرسة» حتى ينتهى إخوانهم المسلمون من «حصة الدين»!. وتطلق علينا «أبواق التكفير» من المنابر الإعلامية ومن ميكروفونات المساجد، وتفرض على المسيحى أن يصلى سراً، وكأنه يسرق صلاته، لأن بناء الكنائس مهمة «شبه مستحيلة»، خصوصاً فى قرى الصعيد النائية.. والبديل أن يصلوا معاً، ويقيموا شعائرهم فى أى منزل.. حتى تنكشف «الجريمة – أى الصلاة»، فيتجمهر «المسلمون»، ولا تقول بعض المتطرفين أو الإخوان، عقب صلاة الجمعة غالباً، لأنها نقطة الصف لأى حركة جماهيرية.. وإذا بهذا الشعب المتدين بالفطرة الذى لا يزال على وضوئه ينقض على مكان صلاة المسيحيين «رغم بساطته»، ينهش ما تطاله الأيادى من أموال ومشغولات ذهبية، ويحطم الأيقونات المقدّسة والثمينة، وينفجر الداعشى الذى يعيش بداخله، فينتقل إلى منازل الأقباط فى المنيا (تم تحطيم الأجهزة المنزلية بأربعة منازل ونهب كمية من المشغولات الذهبية والأموال، حسب بيان إيبارشية المنيا وأبوقرقاص للأقباط الأرثوذكس، برئاسة الأنبا مكاريوس، الأسقف العام).. ينتشر التيار الداعشى ليروّع الأبرياء ويقتل الياسمين ويقطع شرايين اللُحمة الوطنية.. يحرق الأرض الخضراء.. فلا يتبقى من بعد غزوتهم الغاشمة إلا الإحساس بالاضطهاد والكفر بكلمة «وطن»!. ثم يأتى الأمن، الذى منع أصلاً بناء كنيسة فى قرية «دمشاو هاشم» بمحافظة المنيا، مثلما منعها من قبل السيد المحافظ ليصلى أقباط قرية «الفرن»، بمحافظة المنيا، فى الشارع، لأن سيادة المحافظ قام بإغلاق الكنيسة، لأنها ليست حاصلة على ترخيص!.

وقتها قال محافظ المنيا السابق: إن (الترخيص ليس للصلاة، لكن خاص بدور العبادة)، ليؤكد أننا فى دولة عنصرية بامتياز، وأن المسيحى يجب عليه أن يأخذ تصريحاً من «السيد اللواء الوزير المحافظ»، الذى بالقطع يصلى فى ظل «حراسة مشددة» بحكم منصبه، لكن «الآخر» المختلف معه فى العقيدة يحتاج إلى ترخيص ليقف بين يدى الله ويمارس شعائر دينه بطريقته!. ما أصعب أن تكتب فى يوميات رعبك وموتك البطىء أنك مُت فقط لتصعد إلى السماء علك تجد المكان أكثر رحابة وأمناً ويتسع لصلاتك!.

ما أصعب أن أكتب أنا كل مرة بحروف تقطر دماً وحزناً على إخوتى وأحبتى، وأنا أرى عذابهم وأقف مكتوفة الأيدى لا أملك إلا كلمة!. هل نأتى بأقباط الصعيد ليصلوا فى «العاصمة الإدارية الجديدة».. فإن أمكن ذلك، هل نسينا أن البابا «تواضروس» الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، نفسه كان عرضة للاغتيال أثناء محاولة تفجير الكنيسة المرقسية «المقر البابوى» بالإسكندرية!.

دعونا نعترف.. نحن أضعف من القضاء على «ثقافة التكفير»، التى تشعل نيران الفتنة الطائفية، لأننا فى مجتمع سلفى، تحكمه مناهج دموية يدرسها الأزهر، ويتحكم فيه رجال «ذوو حصانة» لا يملون تكفير الأقباط.. ونحن مللنا المطالبة بتنقية صفوف المؤسسة الدينية الرسمية من «الإخوان».. فهؤلاء معول هدم يسعى لإفشال الدولة.

مللنا المطالبة بإعلام تنويرى، وثقافة تنشر المحبة وقبول الآخر، وجرتنا مطالبنا بالقضاء على «حزب الكراهية» إلى المحاكم.. فالدولة لا تحمى المثقفين مثلما لا تحمى الأقباط.. لماذا؟.. لأنها تشعر أن «كله تحت السيطرة».. ولأن «كله تمام يا فندم». رفع الأقباط شعار «الاضطهاد» فى عهد الرئيس «عبدالفتاح السيسى».. ربما يصل صوتهم إليه ليعرف أن بعض الأمور «خارج السيطرة»، وهى أمور مصيرية، لأنها تتعلق أولاً بالأرواح، ثم إن: (حقوق الأقباط قضية أمن قومى، وخطورتها أنها تسىء إلى سمعة مصر، وتستدعى انتقادات وتدخل الخارج، وتتناقض مع الدستور، ومع كل المواثيق الدولية التى وقعتها مصر.. إلخ).

الآن أستطيع أن أبكى، وأنا أسمع صرخات أطفال قرية «دمشاو هاشم»، وتهديدهم بالقتل، وتتراءى فى مخيلتى كلمة «ارحل» على جدران منازلهم الفقيرة، وتتردّد فى أذنى فتاوى المتطرفين، التى وصفتهم بـ«الذميين»، وتنظيم داعش، الذى أهدر دماءهم تحت لافتة قتل من سماهم بـ«الصليبيين فى مصر».. الغريب أن كل هذه الشعارات الإرهابية تختلط فى أذنى بصوت شيخ الأزهر ورجاله، وتصريحات رجال الأمن الوردية.. لأعود فأبكى على بلد ينهار!.

هل تبحثون عن «الاصطفاف الوطنى» ضد الإرهاب؟.. اعلموا أولاً: (مش كله تمام يا فندم)!!

https://www.elwatannews.com/news/details/3636316