in Arabic ليلة سقوط جامعة القاهرة

ليلة سقوط جامعة القاهرة

-

سحر الجعاره ـ المصري اليوم ـ

الضجة المثارة على مواقع التواصل الاجتماعى، حول أكشاك الفتوى والمايوه الشرعى، والمتحف السعودى بالقرية الفرعونية، ثم تعيين الأستاذ الدكتور «محمد عثمان الخشت» رئيسا لجامعة القاهرة، كلها تؤكد أن الشعب لن يسمح بتآكل الدولة المدنية، وأن من نتصورهم «دعاة التنوير» أصبح لديهم «ظهير شعبى» قادر على حماية العقل المصرى.. ولن يتراجع، لن تهزمه محاولات «الفتنة الطائفية» ولا «الإرهاب الفكرى».

سعودة المجتمع المصرى هذه المرة بدأت بـ«اكشاك الفتوى» التي ابتدعتها لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، لتثبت هيمنة المؤسسة الدينية على مفاصل الحياة، وربما كانت تمهد أو (تجس النبض) لإنشاء هيئة على غرار «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».. التي تحكم الشارع السعودى وتجلد وتسحل وتقيم ما يسمى بـ «الحدود الشرعية» على رؤوس الأشهاد.

لكن حالة الذعر التي أصابت الناس من فرض التدين الشكلى بالإكراه، وتفعيل آليات «الفضيلة الزائفة»، عكست إحساسهم بتجريف الساحة من رموز الاستنارة، وإقصاء كل من يجرؤ على التفكير أو الاجتهاد، واحتلال ارض التنوير بكتائب تكفير وحسبة و«جهاد» ضد المايوه والبنطلون الممزق!

أما النموذج الفج على اغتيال العقل المصرى وضربه في ثقافته وحضارته، وتغييب وعيه بالتطور والمدنية، كان في تعيين الدكتور «محمد عثمان الخشت»، رئيسا لجامعة القاهرة.. وهنا كانت المقارنة كاشفة لعمق التدهور الذي يحدث في مصر.

هذا المجتمع سبق أن ساند الدكتور «جابر جاد نصار» رئيس جامعة القاهرة السابق في قراره بمنع المنتقبات من تدريس مواد ترتبط- بالضرورة- برؤية الوجه، ثم في معركته لرفع «التمييز الدينى» عن الطلبة المسيحيين في منارة الفكر جامعة القاهرة، بإلغاء خانة الديانة كبيان في كل الشهادات والمستندات والأوراق التي تصدرها أو تتعامل بها جامعة القاهرة.. وخاض «نصار» معركته وحيدا دون أي مساندة من الدولة، بل على العكس أخذ الدكتور «أشرف الشيحى»، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، آنذاك، موقفاً معادياً للقرار الحضارى الذي اتخذه دكتور نصار، وقال الشيحى في حوار لجريدة الأهرام أكتوبر 2016: (إنه لا يوجد في الجامعات المصرية مستند واحد يفرق بين مسلم ومسيحى أو حتى يسأل عن خانة الديانة)، فإذا بجريدة الأهرام تواجه الوزير بمستندات وأوراق رسمية دفعت الجريدة إلى كتابة رسالة إلى السيد الوزير بعنوان: (عفواً معالى الوزير)!

وإذا بالشعب الذي كان طرفا ومراقبا لكل ما حدث يجد الدكتور: الخشت رئيسا لنفس الجامعة، والخشت هو صاحب نظرية تطور الأديان التي قدمها في كتابه «تطور الأديان»، وحين جاء يطبقها في برنامجه «فقه المغتربين»، الذي أذيع على قناة «اقرأ» المملوكة لرجل الأعمال السعودى صالح كامل قال: «الإسلام دين «دنيا وآخرة»، بعكس الديانات التانية التي ليس فيها أي تشريعات للدنيا فتقوم على الغيبيبات)!.. وهذا طعن في الذات الإلهية، قبل أن يكون طعنا في الديانات الإبراهيمية!

ثم خرج الدكتور «الخشت» على شاشة (دي إم سي) ليتبرأ مما نسب اليه من الإساءة للأديان، ويقول: (مهاجمتي للأديان السماوية عارٍ من الصحة، ولا يمت للواقع بأي صلة).. رغم أن حلقات برنامجه موجودة وموثقة بالصوت والصورة.

الدكتور «الخشت» يقول في برنامجه عن أهل الكتاب، (إنهم اليهود والنصارى وهم الموجودون من عهد الرسول وحتى الآن.. رغم أن بعض البعض الفرق تقول أن كتابهم اتحرف).. ثم يحاول أن يؤرخ للتحريف من وجهة نظره أو يتصور أنه ينفيه، فيقول: (أهل الكتاب هم الموجودون الآن بعد ما حصل لدينهم ما حصل.. فالمسيحية النصرانية استقرت بعد سنة 325، وكان فيها اكتر من 100 انجيل و100 فرقه.. لكن الأساقفة اجتمعوا ورفضوا آراء القس «اريوس» الذي قال إن المسيح بشر ورسول من عند الله واستقرت المسيحية) !!.. فهل هناك عنصرية وطعن في العقيدة المسيحية أكثر من هذا؟!.

هذا الكلام الذي منّ علينا بعض رجال الأزهر وقال بأنه لا يجب أن يناقش «على الملأ» يستوجب أن يعتذر عنه الدكتور «الخشت».. أو أن يعتذر عن رئاسة جامعة عرفت يوما معنى «عدم التمييز الدينى» ؟.. وإن كنا في دولة دستور وقانون فإما أن نتنازل عن محاكمة الشيخ «سالم عبدالجليل» أو نحاكم الدكتور «الخشت» بنفس التهم!

ليس من المنطقى أن تكون بشارة رئيس جامعة القاهرة الجديد الينا أن (تغيير الخطاب الديني هو جزء من تغيير الخطاب الثقافي .. فالدين مرتبط بالعلم ومرتبط بالثقافة).. وكانه جاء ليضم «جامعة القاهرة» على جامعة الأزهر أو جامعة «أم القرى»؟.

تعيين الدكتور «الخشت» رئيسا لجامعة القاهرة معناه أن الدولة ترفع الراية البيضاء في مواجهة الإرهاب الفكرى.. لكن الشعب لن يقبل بالهزيمة لأنه تعلم من سلفه «فن المقاومة»!

http://www.almasryalyoum.com/news/details/1174085

?s=96&d=mm&r=g ليلة سقوط جامعة القاهرة

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

You might also likeRELATED
Recommended to you

سحر الجعاره ـ المصري اليوم ـ

الضجة المثارة على مواقع التواصل الاجتماعى، حول أكشاك الفتوى والمايوه الشرعى، والمتحف السعودى بالقرية الفرعونية، ثم تعيين الأستاذ الدكتور «محمد عثمان الخشت» رئيسا لجامعة القاهرة، كلها تؤكد أن الشعب لن يسمح بتآكل الدولة المدنية، وأن من نتصورهم «دعاة التنوير» أصبح لديهم «ظهير شعبى» قادر على حماية العقل المصرى.. ولن يتراجع، لن تهزمه محاولات «الفتنة الطائفية» ولا «الإرهاب الفكرى».

سعودة المجتمع المصرى هذه المرة بدأت بـ«اكشاك الفتوى» التي ابتدعتها لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، لتثبت هيمنة المؤسسة الدينية على مفاصل الحياة، وربما كانت تمهد أو (تجس النبض) لإنشاء هيئة على غرار «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».. التي تحكم الشارع السعودى وتجلد وتسحل وتقيم ما يسمى بـ «الحدود الشرعية» على رؤوس الأشهاد.

لكن حالة الذعر التي أصابت الناس من فرض التدين الشكلى بالإكراه، وتفعيل آليات «الفضيلة الزائفة»، عكست إحساسهم بتجريف الساحة من رموز الاستنارة، وإقصاء كل من يجرؤ على التفكير أو الاجتهاد، واحتلال ارض التنوير بكتائب تكفير وحسبة و«جهاد» ضد المايوه والبنطلون الممزق!

أما النموذج الفج على اغتيال العقل المصرى وضربه في ثقافته وحضارته، وتغييب وعيه بالتطور والمدنية، كان في تعيين الدكتور «محمد عثمان الخشت»، رئيسا لجامعة القاهرة.. وهنا كانت المقارنة كاشفة لعمق التدهور الذي يحدث في مصر.

هذا المجتمع سبق أن ساند الدكتور «جابر جاد نصار» رئيس جامعة القاهرة السابق في قراره بمنع المنتقبات من تدريس مواد ترتبط- بالضرورة- برؤية الوجه، ثم في معركته لرفع «التمييز الدينى» عن الطلبة المسيحيين في منارة الفكر جامعة القاهرة، بإلغاء خانة الديانة كبيان في كل الشهادات والمستندات والأوراق التي تصدرها أو تتعامل بها جامعة القاهرة.. وخاض «نصار» معركته وحيدا دون أي مساندة من الدولة، بل على العكس أخذ الدكتور «أشرف الشيحى»، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، آنذاك، موقفاً معادياً للقرار الحضارى الذي اتخذه دكتور نصار، وقال الشيحى في حوار لجريدة الأهرام أكتوبر 2016: (إنه لا يوجد في الجامعات المصرية مستند واحد يفرق بين مسلم ومسيحى أو حتى يسأل عن خانة الديانة)، فإذا بجريدة الأهرام تواجه الوزير بمستندات وأوراق رسمية دفعت الجريدة إلى كتابة رسالة إلى السيد الوزير بعنوان: (عفواً معالى الوزير)!

وإذا بالشعب الذي كان طرفا ومراقبا لكل ما حدث يجد الدكتور: الخشت رئيسا لنفس الجامعة، والخشت هو صاحب نظرية تطور الأديان التي قدمها في كتابه «تطور الأديان»، وحين جاء يطبقها في برنامجه «فقه المغتربين»، الذي أذيع على قناة «اقرأ» المملوكة لرجل الأعمال السعودى صالح كامل قال: «الإسلام دين «دنيا وآخرة»، بعكس الديانات التانية التي ليس فيها أي تشريعات للدنيا فتقوم على الغيبيبات)!.. وهذا طعن في الذات الإلهية، قبل أن يكون طعنا في الديانات الإبراهيمية!

ثم خرج الدكتور «الخشت» على شاشة (دي إم سي) ليتبرأ مما نسب اليه من الإساءة للأديان، ويقول: (مهاجمتي للأديان السماوية عارٍ من الصحة، ولا يمت للواقع بأي صلة).. رغم أن حلقات برنامجه موجودة وموثقة بالصوت والصورة.

الدكتور «الخشت» يقول في برنامجه عن أهل الكتاب، (إنهم اليهود والنصارى وهم الموجودون من عهد الرسول وحتى الآن.. رغم أن بعض البعض الفرق تقول أن كتابهم اتحرف).. ثم يحاول أن يؤرخ للتحريف من وجهة نظره أو يتصور أنه ينفيه، فيقول: (أهل الكتاب هم الموجودون الآن بعد ما حصل لدينهم ما حصل.. فالمسيحية النصرانية استقرت بعد سنة 325، وكان فيها اكتر من 100 انجيل و100 فرقه.. لكن الأساقفة اجتمعوا ورفضوا آراء القس «اريوس» الذي قال إن المسيح بشر ورسول من عند الله واستقرت المسيحية) !!.. فهل هناك عنصرية وطعن في العقيدة المسيحية أكثر من هذا؟!.

هذا الكلام الذي منّ علينا بعض رجال الأزهر وقال بأنه لا يجب أن يناقش «على الملأ» يستوجب أن يعتذر عنه الدكتور «الخشت».. أو أن يعتذر عن رئاسة جامعة عرفت يوما معنى «عدم التمييز الدينى» ؟.. وإن كنا في دولة دستور وقانون فإما أن نتنازل عن محاكمة الشيخ «سالم عبدالجليل» أو نحاكم الدكتور «الخشت» بنفس التهم!

ليس من المنطقى أن تكون بشارة رئيس جامعة القاهرة الجديد الينا أن (تغيير الخطاب الديني هو جزء من تغيير الخطاب الثقافي .. فالدين مرتبط بالعلم ومرتبط بالثقافة).. وكانه جاء ليضم «جامعة القاهرة» على جامعة الأزهر أو جامعة «أم القرى»؟.

تعيين الدكتور «الخشت» رئيسا لجامعة القاهرة معناه أن الدولة ترفع الراية البيضاء في مواجهة الإرهاب الفكرى.. لكن الشعب لن يقبل بالهزيمة لأنه تعلم من سلفه «فن المقاومة»!

http://www.almasryalyoum.com/news/details/1174085