أحمد عبد التواب ـ الأهرام
يستنكر البعض أن تُولَى بعضُ جرائم القتل التى يكون المسيحيون ضحاياها اهتماماً أكبر مما إذا كان الضحايا مسلمين. وبرغم وجاهة الاستنكار من الناحية النظرية، التى تقف عند حدود الإجراءات والشكليات، والتى ترى وجوب المساواة بين عموم المواطنين فى كل شيئ، إلا أن الأمر يختلف فى حالات بعينها على الأرض، خاصة إذا كانت هنالك شبهات أن المسيحى صار ضحية لكونه مسيحياً، وليس لما يتشابه فيه مع مواطنيه المسلمين!
وتدخل فى حالة هذه الشبهات الجريمة التى راح فيها الضحية الفقيد الصيدلى مينا لوقا فى مدينة السلام قبل يومين، والتى ما كان لأجهزة الأمن أن تتسرع ببيان أن الدافع هو السرقة قبل أن تتروَّى وتجمع الأدلة التى تُعزِّز بيانها، خاصة أن هناك مؤشرات قد تُرَجِّح احتمالات أخري! فإذا كانت السرقة وحدها هى الدافع، فما الذى منع اللصوص من تأجيل جريمتهم لساعات حتى مغادرة الضحية ليخلو لهم الجو؟ ثم ما الذى يدفع المجرمين للقتل البشع بالطعن والذبح لرجل مسالم ليس هنالك ما يدعو للظن أنه كان لديه أى إمكانية للمقاومة بأى سلاح، وهو الصيدلى صاحب السمعة الطيبة عن أخلاقه وحسن سلوكه مع الجميع، الهاوى للموسيقى الذى يعزف على القانون ويتطوع بتدريس العزف للأطفال فى الكنيسة؟ وهل هى مصادفة أن يكون الضحية نجلاً لكاهن فى إحدى الكنائس؟ ثم ماذا يثير طمع اللصوص فى صيدلية صغيرة فى منطقة نائية، وأمامهم ما هو أكثر إغراء فى الجوار القريب؟
لا خلاف على أهمية الشقّ الجنائى فى هذه الجريمة، ولكن التعامل السياسى أهم، خاصة مع تواتر جرائم لا خلاف على طائفيتها فى بعض القرى البعيدة، بل وزيادة اطمئنان المعتدين إلى الإفلات من العقاب فى ظل اعتماد الحلول العرفية. وهذا كله، إضافة إلى أسباب أخري، أدعى إلى اعتبار مثل هذه الجريمة قضية رأى عام، بما يلزم توفير المعلومات المُدَقَّقة للجماهير، وألا يكون المبرر للسرية إلا لضمان سير العدالة وللمساعدة فى خطط تعقب المجرمين والإيقاع بهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.ahram.org.eg/News/202100/11/565073/الاعمدة/عن-مقتل-الصيدلى-مينا-لوقا.aspx