عماد الدين حسين –DW عربية –
في مقاله* لـ DW عربية يرى الكاتب الصحفي عماد الدين حسين أن مكافحة الطائفية لا تتم فقط بالقوانين، رغم حتمية سنِّها وفي مقدمتها حق بناء الكنائس، بل ايضا عبر مكافحة جذور التطرف.
حوادث الفتنة الطائفية بين بعض المسلمين وبعض الأقباط المصرين لن تتوقف أو تختفى قريبا، لأن العوامل التى تساعد على تأجيجها ماتزال موجودة، تقل حينا وتزيد أحيانا حسب الظروف والأحوال وحسب من ينفخ فى هذه النار الكامنة تحت الرماد.
يوم الجمعة الماضي هاجم متطرف كنيسة مار مينا بضاحية حلوان جنوب القاهرة، وقتل حوالي تسعة مصلين واحد أفراد الأمن. وفي الأسبوع قبل الماضي تجمع بعض الشباب المسلم وأحاط بمنزل يملكه مواطن قبطي فى قرية كفر الواصلين التابعة لمركز أطفيح جنوب شرق محافظة الجيزة، وقاموا بتحطيم محتوياته.
أقباط القرية قالوا إن المهاجمين دمروا الكنيسة التي يؤدون فيها صلواتهم الأسبوعية، لكن النيابة العامة قالت إن صاحب المنزل حوله إلى كنيسة من دون ترخيص رسمي، وبالتالي سوف تتم محاكمته، كما وجهت للمهاجمين تهمة إتلاف ممتلكات عامة وليس تدمير كنيسة. وبالتالي تم القبض على أفراد من الجانبين وحبسهم على ذمة التحقيقيات.
عن تجربة ومشاهدات شخصية فإن معظم حوادث الفتنة الطائفية لا يعود إلى مؤامرة خارجية واضحة كما يشير البعض، لكن يعود لثقافة تطرف تترسخ يوما بعد يوم، بسبب الرياح الوهابية العاتية التى بدأت تهب على مصر والمنطقة منذ هزيمة يونيو 1967، وزادت أكثر بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979، حينما أرادت السعودية أن تستخدم “الورقة السنية المتشددة” فى مواجهة الورقة الإيرانية الشيعية الساعية لتصدير الثورة للمنطقة، وزاد الأمر سوءا باستغلال بعض الأجهزة في الولايات المتحدة الامريكية للمتشددين الإسلاميين أو من اسمتهم “المجاهدين” بقيادة أسامة بن لادن، لاستنزاف الاتحاد السوفييتى السابق، طوال حقبة الثمانينيات من القرن الماضى حتى سقط في نهاية هذه الحقبة.
عشت فى قرية بالصعيد منذ عام 1964 وحتى عام 1982، واتردد على المنطقة الآن أكثر من مرة سنويا، خصوصا في الأعياد والمناسبات وأعرف وأتابع حوادث الفتنة بحكم عملى الصحفي، وبحكم ما أسمعه من الأقارب والأصدقاء والمصادر الصحفية.
أسباب التوتر الطائفي كثيرة، لكن أبرزها عدم وجود دور عبادة للأخوة الأقباط في قرى كثيرة بالصعيد، وبعض قرى الوجه البحري.
عندما لا تكون هناك كنيسة للأقباط في قرية ما، كما حدث فى “كفر الواصلين” قبل أيام، يلجأ أقباط القرية لتحويل منزل أحدهم إلى كنيسة أو مكان للصلاة، وبالطبع يتم ذلك بصورة غير قانونية. عندها يتجمع بعض المسلمين خصوصا من الشباب صغير السن، ويبدأون فى التحرش بالمنزل الموجود به الكنيسة غير المرخصة وتتوتر الأوضاع، حتى تنطلق شرارة من هنا أو هناك، وبعدها يحدث الاشتباك الذي يتحول إلى انفجار يسقط فيه ضحايا فى بعض الأحيان.
قد يسأل البعض: وأين هو دور أجهزة الأمن فى هذا الموضوع الذي يتكرر بصورة مملة منذ سنوات طويلة يشير اليها البعض بعام 1981 أو ما يعرف بأحداث الفتنة الطائفية في منطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، والتي سبقت اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بشهور قليلة؟!.
الإجابة هى أن الأمن لا يستطيع أن يحل الأمر بمفرده، لأن القضية ليست أمنية فى المقام الأول، بل هي حصيلة حسابات ومواءمات وتوازنات اجتماعية وسياسية معقدة.
سيسأل البعض سؤالا بديهيا وهو: ولماذا لا تصدر الحكومة قانونا ينظم إنشاء دور العبادة، خصوصا للإخوة الأقباط؟!
الإجابة أو المفارقة، أن هذا القانون صدر بالفعل في31 اغسطس 2016، وكان الرهان على أنه سوف يقضي على هذه الظاهرة، التي صارت “خميرة للعكننة والتوتر” تؤرق مصر والمصريين.
في هذا اليوم وبعد ان تمت الموافقة، بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، هتف النواب:” ’تحيا مصر‘ و’يحيا الهلال مع الصليب‘، مرددين معاً السلام الجمهوري”.
لكن للأسف وبعد مرور حوالي العام والنصف، فإن القانون لم يحل جذور المشكلة حتى الآن.
كنا نعتقد ان تحويل أمر إنشاء الكنائس من رئيس الجمهورية إلى المحليات، سوف يحل المشكلة، لكن يبدو ان تعقيدات إنشاء الكنائس الجديدة، ما تزال تواجه صعوبات كثيرة.
هناك انفراجات موجودة بالفعل الآن مثل إنشاء كنيسة كبيرة جدا في العاصمة الادارية الجديدة، وبمساهمة من الدولة المصرية، وهناك زيارات منتظمة من رئيس الدولة وكبار المسؤلين إلى مقر الكتدرائية المرقسية بالعباسية بصورة شبه منتظمة، لكن لا يزال الملف يحتاج إلى المزيد من العمل، خصوصا تغيير الثقافة السائدة.
من الشائع أن النظام الحالي يحارب ويضطهد تيارات الإسلام السياسي، وهذا الأمر غير دقيق بالمرة، والتقدير هو أن الحكومات المتتالية لا تستطيع التوسع فى إنشاء الكنائس، حتى لا تغضب التيار السلفي، الذي يدعم بعضه الحكومة في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين.
السلفيون المتطرفون خصوصا “أنصار بيت المقدس” أو داعش هم الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن اقتحام وتفجير ثلاث كنائس كبرى طوال الشهور الماضية وهي كنائس البطرسية فى القاهرة ومار جرجس فى طنطا والمرقسية بالإسكندرية، وهم أيضا الذين قتلوا العديد من الأقباط، الذين كانوا فى طريقهم لدير الأنبا صمويل بالواحات قبالة محافظة المنيا، كما هاجموا بيوتا للأقباط وأجبروهم على النزوح من سيناء إضافة إلى هجمات متفرقة ضد الأقباط.
والجدير بالذكر أن أنصار جماعة “الإخوان” قد شنوا هجمات متناسقة ومتزامنة ضد الأقباط وكنائسهم فى اليومين التاليين لـ14 أغسطس 2013، حينما فضت الحكومة اعتصام رابعة العدوية بالقوة، بحجة أن الأقباط والكنيسة أيدوا خلع جماعة الإخوان من الحكم.
إذا الأمر بوضوح شديد أن جزء أساسيا من ثقافة المصريين المتسامحة قد تغير بفعل الأفكار الوهابية، خصوصا أن العديد من المصريين، سافرللعمل واستقر بالسعودية هم وأسرهم، وتشرب من هذه الأفكار، خصوصا فى جانبها الشكلي والطقوسي.
والحل ببساطة أن ندعو إلى ينجح التيار الإصلاحي فى السعودية، في تفكيك منظومة التطرف أولا، وان تنجح جهود الحكومة المصرية فى إصلاح الخطاب الديني المتشدد حتى يعود المصريون لسابق عهدهم فى التسامح ورفع شعار “الدين لله والوطن للجميع”.
وإلى أن يحدث ذلك، فسوف نسمع للأسف بين الحين والآخر عن حادثة هنا وأخرى هناك،على خلفية بناء كنيسة أو قصة حب بين شاب مسلم وفتاة قبطية أو العكس!!.
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW
___________________
http://www.dw.com/ar/%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D9%8F%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A/a-42028918
ياسيد عماد أنت تقصد بسؤالك الذى هو عنوان مقالك فى مصر بالطبع؟ أليس كذلك؟ وأنا هنا أحيلك لمحرك البحث الشهير جوجل لتبحث عن إجابه لسؤالك وأنا أكاد أجزم لك ياسيدى أن نتيجة بحثك ستكون صفر إذ أنك لن تحصل على أية إجابات على سؤالك نظرا لإستحالة أن تُبني كنيسة من دون صدام طائفي
More of the same!!
It is brave for a journalist residing in Egypt to write forthrightly about one of the most serious and perpetual problems the country is facing. Nothing is new in the chasm between the Muslims and Christians in Egypt. Religions have always been dividers rather than uniters. The more powerful always has the upper hand. Whether tolerance and understanding is injected in this divide determines the outcome. Unfortunately, and due to multiple reasons, the trend in Egypt, and in the Middle East as a whole, is right-out persecution of Christians. This depleting trend is counterproductive for the entire nation. If this is not seen and truncated at its roots then the ‘house’ cannot stand. The Bible teaches us “If a house is divided against itself, that house cannot stand.” Let us pray that that is not the fate of Egypt. Saba E. Demian, M.D.