عماد خليل ـ المصري اليوم ـ
«غارقا فى دمائه».. هكذا انتهت حياة الراهب الناسك، الأنبا إبيفانيوس، رئيس دير الأنبا مقار بوادى النطرون بالقرب من قلايته، عن عمر يناهز 64 عاماً، أمس الأول.
وجاء حادث الوفاة الغامض بعد ٥ سنوات من رسامته أسقفا ورئيسا لدير الأنبا مقار بوادى النطرون، وبنفس الهدوء الذى اعتاد عليه، والوداعة والتواضع والتجرد والنسك، مع العلم الغزير الذى أثمر تعاليم ودراسات مميزة فى فروع العلوم الكنسية المختلفة، اختار أن يرحل، متجردًا من زهو المناصب بعد أن كان واحدا من السائرين على خطى الأب «متى المسكين» القمص الذى حرك بكتاباته نهر الكنيسة الراكد، وعرف بأنه «المستنير» و«المتواضع» داخل الكنيسة.
فى عام 1984، بدأ الأنبا إبيفانيوس حياته الرهبانية، كان البابا شنودة، بطريرك الأقباط آنذاك، قيد الاعتقال فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، حين قرر الطبيب الشاب، الذى صار بعد ذلك القس ابيفانيوس، الانضمام لحركة التعمير الرهبانية التى قادها القمص متى المسكين فى الفترة من عام 1969 وحتى وفاته عام 2006 وهى نفس الفترة التى شهدت الخلاف التاريخى الشهير بين البابا شنودة والقمص متى المسكين بعدما استدعى الرئيس محمد أنور السادات الأخير ليعرض عليه منصب البابوية فى غضون خلافه مع البابا شنودة.
والأنبا إبيفانيوس مواليد 27 يونيو 1954 فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وهو حاصل على بكالوريوس الطب، والتحق بالدير فى 17 فبراير 1984، قبل أن يُرسم راهبًا فى 21 إبريل 1984، باسم الراهب إبيفانيوس المقارى وحصل على رتبة قِس فى 17 أكتوبر 2002، وكان يُشرف على مكتبة المخطوطات والمراجع بكل اللغات فى الدير، واهتم بترجمة المخطوطات من اللغة اليونانية ونشرت له عدة مطبوعات منها سفر التكوين، والقداس الباسيلى، وحينها كان جاريًا نشر سفر الخروج، والقداس الغريغورى، والكتاب التاريخى القديم «بستان الرهبان». جاء خلفا للأنبا ميخائيل مطران أسيوط المتنيح الذى تقدم باستقالته 2009، واختاره ١٠٠ راهب من الدير رئيسا لهم فى فبراير ٢٠١٣ بعد اقتراع سرى مع راهبين آخرين، واستقبله البابا تواضروس، وأبلغه باختياره لرئاسة الدير، وأوصاه: «أن يُعيد لدير القديس أنبا مقار صورته المُشرقة الأولى».
وفى 10 مارس 2013 (أحد رِفاع الصوم الأربعينى)، قام البابا تواضروس الثانى، بتجليس 4 من الآباء الأساقفة (الأنبا دانيال- الأنبا ثيؤدوسيوس- الأنبا بطرس- الأنبا مينا)، وسيامة 7 من الآباء الرهبان أساقفة (الأنبا إبيفانيوس- الأنبا مقار- الأنبا صموئيل- الأنبا دوماديوس- الأنبا يوحنا- الأنبا زوسيما- الأنبا يوليوس)، وتم الاحتفال بالتجليس عشية عيد الصليب يوم 18 مارس 2013، واشترك فى صلوات التجليس أكثر من 40 أسقفًا.
وفى عام 2016 احتفى دير كاثوليكى شهير فى إيطاليا بذكرى الأب متى المسكين، وبالتغيير الذى أحدثه فى تاريخ الكنيسة القبطية ومستقبلها، وألقى الأنبا إبيفانيوس كلمته إذ اعتبر كتابات الأب متى المسكين أحدثت تغييراً ملحوظاً بمجال التعليم فى الكنيسة القبطية.
واهتم الأنبا إبيفانيوس بمحاضرات اللغة القبطية والمؤتمرات العملية وكانت آخر زيارة له لأستراليا قبل أسبوعين، كما شارك فى الذكرى السنوية الأولى لشهداء ليبيا فى المنيا وتحدث عن الشهادة، وكان محبوبا من الرهبان والشباب القبطى وشارك العديد فى نعيه بعد حادث وفاته.