in Arabic "حلم" مصر بمليوني سائح مسيحي: "السائح لن يزور معالمك...

“حلم” مصر بمليوني سائح مسيحي: “السائح لن يزور معالمك وأنت نفسك لا تحترمها”

-

 -raseef22-محمود هاشم

“إني لسعيد حقاً بأن آتي كصديق ومرسل سلام، وحاج على الأرض التي قدمت منذ أكثر من ألفي عام ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة، التي هربت من تهديدات الملك هيرودس، ويشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة”، بهذه الكلمات أحيا البابا فرنسيس، مشروع مسار “رحلة العائلة المقدسة”، قبيل زيارته مصر في أبريل الماضي.

وفي الرابع من أكتوبر، بارك البابا أيقونة رحلة العائلة المقدسة، في قداس رسمي في مقر أكبر مؤسسة دينية مسيحية في العالم، بعد سبع سنوات من المساعي المصرية التي عطلتها الاضطرابات الأمنية.

الحدث الذي وصفه وزير السياحة المصري يحيى راشد، خلال حضوره القداس في الفاتيكان، بـ”التاريخي”، أعاد الأمل مجدداً في انتعاش القطاع الذي أصابه الركود منذ سنوات، متوقعاً أن تغيّر دعوة البابا لاعتماد الحج إلى مصر خريطة السياحة في العالم كله، وتعطي مؤشراً إيجابياً للبلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.

 

بحسب وزير السياحة، سيضع الفاتيكان مسار العائلة المقدسة على برنامج الحج في يناير المقبل، على أن يتم تنظيم أول رحلة حج للمسيحيين إلى مصر في مايو.

وسيتزامن ذلك مع برنامج دعائي ضخم، وسيتم البدء بزيارة خمسة مقاصد تزداد تباعاً، كما تعمل هيئة تنشيط السياحة على تصوير فيلم دعائي للرحلة، لإطلاقه في عدة دول أوروبية وأمريكية وآسيوية، مع نشر ملصقات دعائية للرحلة بـ12 لغة، لتقديمها للسائحين الوافدين وفي المعارض الترويجية.

وبينما تستهدف لجنة إحياء مسار العائلة المقدسة استقطاب مليوني سائح سنوياً بعد قرار البابا، بحسب مسؤول اللجنة نادر جرجس، تسعى نقابة السياحيين إلى دعوة عدد من الكتّاب والإعلاميين البارزين في جميع أنحاء العالم، لتنظيم رحلة لهم في مسارات العائلة المقدسة، كخطوة ترويجية للحدث.

ويتوقع نقيب السياحيين باسم حلقة ارتفاع عدد الوافدين إلى ثلاثة ملايين شخص، وتزايد الرقم تدريجياً.

ويوضح حلقة لرصيف22 أن النقابة تخطط أيضاً لتنظيم دورات مكثفة للمرشدين السياحيين لتمكينهم من التعريف بالمقدسات المسيحية، فضلاً عن التواصل مع النقابات العالمية لتنظيم رحلات سياحة دينية إلى الأماكن المقرر اعتمادها.

وقال: “مثلما لدى المسلمين مكة المكرمة التي يحجون إليها بالملايين كل عام، يبحث العالم المسيحي عن وجهة مماثلة، خاصة مع التضييق الإسرائيلي في بيت لحم، لا سيما أن زيارة المسار المقدس بمثابة حج مفتوح للسائحين لعدم اقتصارها على توقيت بعينه”.

أقوال جاهزة

شاركغرد“فيه ناس متعرفش إن مصر لسه فيها مسيحيين”… سيختلف الأمر مع اعتماد مسار العائلة المقدسة وجهةً للحج

شاركغردجيب المصريين سيكون المستفيد الأكبر من اعتماد مسار العائلة المقدسة وجهة حج ولكن “الموضوع عاوز ناس تمخمخ”

ويؤكد وكيل وزارة السياحة السابق، أسامة العشري لرصيف22 هذا الحدث الذي سيساعد في رأب صدع العلاقات مع السائحين الإيطاليين، إثر التوتر الذي شابها بعد مقتل الباحث جوليو ريجيني، وتشجيعهم على العودة مجدداً إلى المقاصد المصرية، “فهم ثالث أكبر وافدين بعد الروس والألمان، وغيابهم أضر كثيراً بأنشطة القطاع السياحي”.

ويتوقع العشري أن يحقق الأمر مردوداً كبيراً على الاقتصاد المصري، في ظل الاستعدادات الضخمة التي تبذلها الدولة في الدعاية للحدث، فضلاً عن مشاركة شركات متخصصة للترويج وجذب المزيد من السائحين.

إشكاليات الأمن والاستعدادات

كان للمتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، الأب رفيق جريش، دور بارز في الحدث، إذ يُعدّ أبرز حلقات الوصل للتنسيق بين السلطة وبابا الفاتيكان. ويوضح لرصيف22 أن الكنيسة لم تحدد المقاصد المقرر استقبال السائحين فيها بشكل نهائي حتى الآن، فيما تدرس الدولة مدى قابلية إدراج مقاصد الرحلة في سيناء على الخريطة السياحية، وفقاً للظروف الأمنية.

وللاستفادة من الخطوة التي اتخذها البابا، بحسب جريش، يتطلب الأمر الاستثمار في تمهيد المسار ليكون مؤهلاً لاستقبال الحجاج ومحترماً لرمزية العائلة المقدسة.

وبلغة عامية، قال إن “جيب المصريين” سيكون المستفيد الأكبر من ذلك، “فالأمر سيدر دخلاً كبيراً للبلاد بالعملة الصعبة، كما سيستفيد المسيحيون المصريون بتعريف العالم بتاريخهم، وسيشاركون في التجارات والأعمال الناشئة حول هذه المناطق، وأضاف: “الموضوع عاوز ناس تمخمخ، مش تكتفي بالتصوير”.

وكما أن الكثيرين من أبناء العالم الإسلامي يتوافدون إلى مصر للتبارك بالأولياء وزيارة المقدسات الدينية، “سيلحقهم الآن مسيحيو العالم المقرر توافدهم للحج في مسار العائلة المقدسة”، برأي حلقة الذي لا يرى مانعاً في أن “يسري الأمر على المقدسات اليهودية أيضاً، فهناك جبل موسى الذي كلم الله عليه نبيه، فضلاً عن مولد ابن حصيرة في محافظة البحيرة، وغيرهما”.

ولكنه يشير إلى أن هذه الأماكن لا تحظى بالضوء الإعلامي الكافي للترويج لها، إذ “تتحاشى بعض شركات السياحة العمل فيها لتحفظات أمنية واجتماعية، خاصة مع الخلط بين الإسرائيليين وعموم اليهود في العالم”.

ماذا عن مسيحيي الداخل؟

يرى مسؤول ملف الحريات الدينية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسحاق إبراهيم، أن اهتمام الدولة بالآثار المسيحية كان مطلباً قديماً وما يزال مستمراً، لذا فإن أية خطوة في هذا الأمر تُعدّ إيجابية، “لكن ذلك يجب عدم فصله عن الوضع العام، فلا بد أن يتزامن مع مزيد من الحرية والأمن لجذب السائحين من الداخل والخارج”.

ويشير إبراهيم إلى أن الاعتماد على “بروباغندا مباركة البابا” لغرض ترويجي لا يكفي وحده، “فيجب أيضاً الاهتمام بالتوعية وتدريس التراث القبطي في المدارس طوال المراحل التعليمية، لتعريف الطلاب بتاريخ الأقباط وهويتهم ومساهماتهم المشتركة في بناء الوطن، مع إبراز السينما، على سبيل المثال، التنوّع الديني داخل المجتمع من دون تهميش طائفه على حساب أخرى. فالسائح لن يأتي لزيارة معالمك وأنت نفسك لا تحترمها ولا تعلم عنها شيئاً”.

ويتفق الخادم السابق في الكنيسة الأرثوذكسية بيشوي سامي مع حديث إسحاق، ويتحدث عن ضرورة تضمين رحلة العائلة المقدسة في مناهج التعليم، مع الاهتمام بالسياحة الدينية الداخلية لتعريف المواطنين بتاريخهم وتراثهم.

ويقول لرصيف22: “فيه ناس متعرفش إن مصر لسة فيها مسيحيين، ففي أمريكا كان البعض فاكرني مسلم، علشان كده أكبر استفادة ممكن تعود علينا هي معرفة الناس أننا موجودين أصلاً”.

ويواصل: “حتى يحقق الأمر نتائجه المرجوة داخلياً، يجب الاهتمام بتنقية أفكار المواطنين من المشاحنات الطائفية، وتنظيم حملات توعية في القرى في هذا الشأن، مع تغيير سياسة الحكومة تجاه حل القضايا الخلافية عرفياً، وتجاوز مشكلة المسؤولين في تعيين مسيحي في منصب رئيس الوزراء أو غيره، فالاختيار يجب تحديده حسب الكفاءة وليس الهوية الدينية”.

الهروب من هيرودس… انصرفوا إلى مصر

“وبعدما انصرفوا (المجوس) إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلاً قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه. فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر” (متى، 2:13 و2:14). من هنا بدأت رحلة العائلة المقدسة من بيت لحم في فلسطين إلى الأراضي المصرية، لتكون ملجأهم من بطش ملك يهودا والسامرة.

holy family map final 1024x576 "حلم" مصر بمليوني سائح مسيحي: "السائح لن يزور معالمك وأنت نفسك لا تحترمها"واستغرقت الرحلة، بحسب الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ثلاث سنوات و11 شهراً، قطعت خلالها العائلة المقدسة ثلاثة آلاف و500 كيلومتر. فقد خرجت من بيت لحم إلى غزة، حتى وصلت إلى محمية الزرانيق في سيناء، ودخلت من العريش إلى الفرما وبورسعيد، ثم تحركت نحو مدينة تل بسطا في محافظة الشرقية، فمسطرد، وبلبيس، وسمنود في الغربية، حيث عبرت النيل وصولاً إليها.

وفي مسارها، مرت عائلة المسيح بقرى عدة في الغربية وكفر الشيخ، لتتجه جنوباً نحو وادي النطرون، ثم إلى عين شمس والمطرية في القاهرة، والتي توجد بها الشجرة التي استظلت بها العذراء، والبئر التي شرب منها المسيح، واستكملت الرحلة نحو مصر القديمة التي شهدت معالم كثيرة باركها المسيح.

بعدها مكثت العائلة في منطقة الزيتون، ومنها تحركت إلى المعادي، التي شيدت فيها في ما بعد كنيسة العذراء أو “العدوية”، ومنها اتجهت إلى مغاغة في المنيا عبر النيل، في منطقة دير الجرنوس حالياً، ثم واصلت طريقها نحو بهنسا وسمالوط، وجبل الطير، حيث المغارة التي استقروا فيها.

واتجهت العائلة المقدسة إلى الناحية الغربية للنيل، حيث منطقة الأشمونين في ملوي، ثم ديروط في محافظة أسيوط، وقسقام، التي قيل إن أهلها طردوهم منها لسقوط الأوثان عند دخولهم، إلا أنهم لاقوا ترحاباً من أهالي قرية مير في مركز القوصية، ثم مكثوا ستة أشهر في مغارة بجبل قسقام، أصبحت في ما بعد كنيسة العذراء، ومنها ظهر ملاك ليوسف النجار، آمراً إياه بالعودة إلى أرض بني إسرائيل، بعد موت “مَن كان يطلب الصبي”.

وفي طريق العودة سلكت العائلة المقدسة الطريق ذاته، بحسب خريطة الكنيسة الأرثوذكسية الموقعة من البابا الراحل شنودة الثالث.

https://raseef22.com/life/2017/10/06/حلم-مصر-بمليوني-سائح-مسيحي-السائح-لن-ي/

?s=96&d=mm&r=g "حلم" مصر بمليوني سائح مسيحي: "السائح لن يزور معالمك وأنت نفسك لا تحترمها"

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

You might also likeRELATED
Recommended to you

 -raseef22-محمود هاشم

“إني لسعيد حقاً بأن آتي كصديق ومرسل سلام، وحاج على الأرض التي قدمت منذ أكثر من ألفي عام ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة، التي هربت من تهديدات الملك هيرودس، ويشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة”، بهذه الكلمات أحيا البابا فرنسيس، مشروع مسار “رحلة العائلة المقدسة”، قبيل زيارته مصر في أبريل الماضي.

وفي الرابع من أكتوبر، بارك البابا أيقونة رحلة العائلة المقدسة، في قداس رسمي في مقر أكبر مؤسسة دينية مسيحية في العالم، بعد سبع سنوات من المساعي المصرية التي عطلتها الاضطرابات الأمنية.

الحدث الذي وصفه وزير السياحة المصري يحيى راشد، خلال حضوره القداس في الفاتيكان، بـ”التاريخي”، أعاد الأمل مجدداً في انتعاش القطاع الذي أصابه الركود منذ سنوات، متوقعاً أن تغيّر دعوة البابا لاعتماد الحج إلى مصر خريطة السياحة في العالم كله، وتعطي مؤشراً إيجابياً للبلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.

 

بحسب وزير السياحة، سيضع الفاتيكان مسار العائلة المقدسة على برنامج الحج في يناير المقبل، على أن يتم تنظيم أول رحلة حج للمسيحيين إلى مصر في مايو.

وسيتزامن ذلك مع برنامج دعائي ضخم، وسيتم البدء بزيارة خمسة مقاصد تزداد تباعاً، كما تعمل هيئة تنشيط السياحة على تصوير فيلم دعائي للرحلة، لإطلاقه في عدة دول أوروبية وأمريكية وآسيوية، مع نشر ملصقات دعائية للرحلة بـ12 لغة، لتقديمها للسائحين الوافدين وفي المعارض الترويجية.

وبينما تستهدف لجنة إحياء مسار العائلة المقدسة استقطاب مليوني سائح سنوياً بعد قرار البابا، بحسب مسؤول اللجنة نادر جرجس، تسعى نقابة السياحيين إلى دعوة عدد من الكتّاب والإعلاميين البارزين في جميع أنحاء العالم، لتنظيم رحلة لهم في مسارات العائلة المقدسة، كخطوة ترويجية للحدث.

ويتوقع نقيب السياحيين باسم حلقة ارتفاع عدد الوافدين إلى ثلاثة ملايين شخص، وتزايد الرقم تدريجياً.

ويوضح حلقة لرصيف22 أن النقابة تخطط أيضاً لتنظيم دورات مكثفة للمرشدين السياحيين لتمكينهم من التعريف بالمقدسات المسيحية، فضلاً عن التواصل مع النقابات العالمية لتنظيم رحلات سياحة دينية إلى الأماكن المقرر اعتمادها.

وقال: “مثلما لدى المسلمين مكة المكرمة التي يحجون إليها بالملايين كل عام، يبحث العالم المسيحي عن وجهة مماثلة، خاصة مع التضييق الإسرائيلي في بيت لحم، لا سيما أن زيارة المسار المقدس بمثابة حج مفتوح للسائحين لعدم اقتصارها على توقيت بعينه”.

أقوال جاهزة

شاركغرد“فيه ناس متعرفش إن مصر لسه فيها مسيحيين”… سيختلف الأمر مع اعتماد مسار العائلة المقدسة وجهةً للحج

شاركغردجيب المصريين سيكون المستفيد الأكبر من اعتماد مسار العائلة المقدسة وجهة حج ولكن “الموضوع عاوز ناس تمخمخ”

ويؤكد وكيل وزارة السياحة السابق، أسامة العشري لرصيف22 هذا الحدث الذي سيساعد في رأب صدع العلاقات مع السائحين الإيطاليين، إثر التوتر الذي شابها بعد مقتل الباحث جوليو ريجيني، وتشجيعهم على العودة مجدداً إلى المقاصد المصرية، “فهم ثالث أكبر وافدين بعد الروس والألمان، وغيابهم أضر كثيراً بأنشطة القطاع السياحي”.

ويتوقع العشري أن يحقق الأمر مردوداً كبيراً على الاقتصاد المصري، في ظل الاستعدادات الضخمة التي تبذلها الدولة في الدعاية للحدث، فضلاً عن مشاركة شركات متخصصة للترويج وجذب المزيد من السائحين.

إشكاليات الأمن والاستعدادات

كان للمتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، الأب رفيق جريش، دور بارز في الحدث، إذ يُعدّ أبرز حلقات الوصل للتنسيق بين السلطة وبابا الفاتيكان. ويوضح لرصيف22 أن الكنيسة لم تحدد المقاصد المقرر استقبال السائحين فيها بشكل نهائي حتى الآن، فيما تدرس الدولة مدى قابلية إدراج مقاصد الرحلة في سيناء على الخريطة السياحية، وفقاً للظروف الأمنية.

وللاستفادة من الخطوة التي اتخذها البابا، بحسب جريش، يتطلب الأمر الاستثمار في تمهيد المسار ليكون مؤهلاً لاستقبال الحجاج ومحترماً لرمزية العائلة المقدسة.

وبلغة عامية، قال إن “جيب المصريين” سيكون المستفيد الأكبر من ذلك، “فالأمر سيدر دخلاً كبيراً للبلاد بالعملة الصعبة، كما سيستفيد المسيحيون المصريون بتعريف العالم بتاريخهم، وسيشاركون في التجارات والأعمال الناشئة حول هذه المناطق، وأضاف: “الموضوع عاوز ناس تمخمخ، مش تكتفي بالتصوير”.

وكما أن الكثيرين من أبناء العالم الإسلامي يتوافدون إلى مصر للتبارك بالأولياء وزيارة المقدسات الدينية، “سيلحقهم الآن مسيحيو العالم المقرر توافدهم للحج في مسار العائلة المقدسة”، برأي حلقة الذي لا يرى مانعاً في أن “يسري الأمر على المقدسات اليهودية أيضاً، فهناك جبل موسى الذي كلم الله عليه نبيه، فضلاً عن مولد ابن حصيرة في محافظة البحيرة، وغيرهما”.

ولكنه يشير إلى أن هذه الأماكن لا تحظى بالضوء الإعلامي الكافي للترويج لها، إذ “تتحاشى بعض شركات السياحة العمل فيها لتحفظات أمنية واجتماعية، خاصة مع الخلط بين الإسرائيليين وعموم اليهود في العالم”.

ماذا عن مسيحيي الداخل؟

يرى مسؤول ملف الحريات الدينية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسحاق إبراهيم، أن اهتمام الدولة بالآثار المسيحية كان مطلباً قديماً وما يزال مستمراً، لذا فإن أية خطوة في هذا الأمر تُعدّ إيجابية، “لكن ذلك يجب عدم فصله عن الوضع العام، فلا بد أن يتزامن مع مزيد من الحرية والأمن لجذب السائحين من الداخل والخارج”.

ويشير إبراهيم إلى أن الاعتماد على “بروباغندا مباركة البابا” لغرض ترويجي لا يكفي وحده، “فيجب أيضاً الاهتمام بالتوعية وتدريس التراث القبطي في المدارس طوال المراحل التعليمية، لتعريف الطلاب بتاريخ الأقباط وهويتهم ومساهماتهم المشتركة في بناء الوطن، مع إبراز السينما، على سبيل المثال، التنوّع الديني داخل المجتمع من دون تهميش طائفه على حساب أخرى. فالسائح لن يأتي لزيارة معالمك وأنت نفسك لا تحترمها ولا تعلم عنها شيئاً”.

ويتفق الخادم السابق في الكنيسة الأرثوذكسية بيشوي سامي مع حديث إسحاق، ويتحدث عن ضرورة تضمين رحلة العائلة المقدسة في مناهج التعليم، مع الاهتمام بالسياحة الدينية الداخلية لتعريف المواطنين بتاريخهم وتراثهم.

ويقول لرصيف22: “فيه ناس متعرفش إن مصر لسة فيها مسيحيين، ففي أمريكا كان البعض فاكرني مسلم، علشان كده أكبر استفادة ممكن تعود علينا هي معرفة الناس أننا موجودين أصلاً”.

ويواصل: “حتى يحقق الأمر نتائجه المرجوة داخلياً، يجب الاهتمام بتنقية أفكار المواطنين من المشاحنات الطائفية، وتنظيم حملات توعية في القرى في هذا الشأن، مع تغيير سياسة الحكومة تجاه حل القضايا الخلافية عرفياً، وتجاوز مشكلة المسؤولين في تعيين مسيحي في منصب رئيس الوزراء أو غيره، فالاختيار يجب تحديده حسب الكفاءة وليس الهوية الدينية”.

الهروب من هيرودس… انصرفوا إلى مصر

“وبعدما انصرفوا (المجوس) إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلاً قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه. فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر” (متى، 2:13 و2:14). من هنا بدأت رحلة العائلة المقدسة من بيت لحم في فلسطين إلى الأراضي المصرية، لتكون ملجأهم من بطش ملك يهودا والسامرة.

holy family map final 1024x576 "حلم" مصر بمليوني سائح مسيحي: "السائح لن يزور معالمك وأنت نفسك لا تحترمها"واستغرقت الرحلة، بحسب الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ثلاث سنوات و11 شهراً، قطعت خلالها العائلة المقدسة ثلاثة آلاف و500 كيلومتر. فقد خرجت من بيت لحم إلى غزة، حتى وصلت إلى محمية الزرانيق في سيناء، ودخلت من العريش إلى الفرما وبورسعيد، ثم تحركت نحو مدينة تل بسطا في محافظة الشرقية، فمسطرد، وبلبيس، وسمنود في الغربية، حيث عبرت النيل وصولاً إليها.

وفي مسارها، مرت عائلة المسيح بقرى عدة في الغربية وكفر الشيخ، لتتجه جنوباً نحو وادي النطرون، ثم إلى عين شمس والمطرية في القاهرة، والتي توجد بها الشجرة التي استظلت بها العذراء، والبئر التي شرب منها المسيح، واستكملت الرحلة نحو مصر القديمة التي شهدت معالم كثيرة باركها المسيح.

بعدها مكثت العائلة في منطقة الزيتون، ومنها تحركت إلى المعادي، التي شيدت فيها في ما بعد كنيسة العذراء أو “العدوية”، ومنها اتجهت إلى مغاغة في المنيا عبر النيل، في منطقة دير الجرنوس حالياً، ثم واصلت طريقها نحو بهنسا وسمالوط، وجبل الطير، حيث المغارة التي استقروا فيها.

واتجهت العائلة المقدسة إلى الناحية الغربية للنيل، حيث منطقة الأشمونين في ملوي، ثم ديروط في محافظة أسيوط، وقسقام، التي قيل إن أهلها طردوهم منها لسقوط الأوثان عند دخولهم، إلا أنهم لاقوا ترحاباً من أهالي قرية مير في مركز القوصية، ثم مكثوا ستة أشهر في مغارة بجبل قسقام، أصبحت في ما بعد كنيسة العذراء، ومنها ظهر ملاك ليوسف النجار، آمراً إياه بالعودة إلى أرض بني إسرائيل، بعد موت “مَن كان يطلب الصبي”.

وفي طريق العودة سلكت العائلة المقدسة الطريق ذاته، بحسب خريطة الكنيسة الأرثوذكسية الموقعة من البابا الراحل شنودة الثالث.

https://raseef22.com/life/2017/10/06/حلم-مصر-بمليوني-سائح-مسيحي-السائح-لن-ي/