في ظل التصاعد غير المسبوق للاعتداءات الإجرامية الإرهابية على المواطنين المسيحيين المصريين في كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا والكنيسة المرقسية التاريخية في مدينة الإسكندرية وما سبقها من حوادث مشابهة وهو ما أدى لسقوط عشرات الشهداء الأبرار والجرحى الأبرياء في يوم أحد الزعف، نؤكد نحن الموقعين على هذا الإعلان على إدانة هذه الأعمال الإرهابية الجبانة التي تعكس إفرازات روح وفكر شرير لا تنتمي للإنسانية ولا للمبادئ الأساسية للتعايش بين البشر، إنما هي رؤية دموية معادية لإنسانية الإنسان وكارهة للحياة وللمحبة والمودة والتآخي بين أبناء الشعب الواحد.
هذا العمل الإجرامي الحقير نتاج مباشر لخطاب الكراهية الوارد الى مصر من ثقافات صحراوية قبلية والمسلط تجاه المسيحيين المصريين منذ أكثر من أربعين عاما ونجح في شق لحمة المجتمع المصري لأن الجميع قد تعامل معه بخفة ولم تتم مواجهة فعلية فكرية له بل برره البعض بأنه وجهة نظر واجتهاد في الدين، ووقفت منه المؤسسات الدينية الإسلامية موقف التبرير الفقهي تارة أو النقد الهادئ تارة أخرى، أو سوق عبارات عامة حول تسامح الإسلام وقبول الآخر والوحدة الوطنية والنسيج الواحد عندما تحدث جريمة إرهابية.
نتيجة للتخاذل فى المواجهة الحقيقية لأسباب الإرهاب وحاربته ومنعه من المنبع، فقد تنامى الفعل الإرهابي الإجرامي ووصل يوم الأحد 9 إبريل 2017 إلى أبعاد غير مسبوقة وأنتج حمام دم لم يعهده المصريون من قبل، ونحن نرى أن تنامي هذا الفعل الإجرامي يرجع إلى أسباب نعدد أهمها فيما يلي:
- تزايد خطاب الكراهية والتكفير الذى يفتح الباب لفتاوى إستحلال الدم والعرض والممتلكات والنساء والبنات البالغات والقصر الموجه ضد المسيحيين.
- “انخراط الأزهر في ممارسات طائفية وتبني وترويج أفكار متطرفة من خلال المناهج فى جميع مراحله التعليمية من الابتدائى الى الجامعة والتى تحقر من شأن العقيدة المسيحية وتحض على مقاومتها ودعوة أتباعها للإيمان بالإسلام حتى يأمنوا على أنفسهم وعلى أسرهم وممتلكاتهم. كما تحمل بعض المناهج فى التعليم العام بعض هذه الأفكار التحريضية والتى توجد فى مناهج يدرسها المسلمون والمسيحيون.
- عدم مواجهة الأزهر خطاب الكراهية والتحريض والرد بمفاهيم الاسلام الوسطى على الشخصيات التي تحمل لواء الكراهية والفرقة وتدعو وتفتى بذلك فى كافة وسائل الأعلام ووسائط التواصل الاجتماعى دون محاسبة أو حتى معاتبة ممن يملكون حق مراجعتهم فى غلوهم.
- تبني نظام الحكم لسياسات تمييزية وطائفية صريحة والتحالف مع التيارات السلفية والتغاضي عن ممارساتهم الداعية للفرقة والكراهية دون أي رد فعل قانوني رغم أن الدستور والقانون يحظران هذا الفعل الإجرامي.
- التغاضي عن تشجيع هذه التيارات الداعية للكراهية والفرقة والمدعومة مادياً وفكرياً وتنظيمياً من قبل أنظمة صديقة للنظام القائم كالمملكة العربية السعودية.
نتيجة لكل هذا بالإضافة لضعف اليقظة الأمنية وتراخي عمليات الاستقصاء والتحري فقد تمادى وتنامى العدوان الإرهابي الغاشم وتجاسر على الكنيسة المرقسية في الإسكندرية وارتكب مذبحة كنيسة مارجرجس في طنطا، ومع استمرار هذه السياسات نتوقع مزيد من الدماء.
وبناءً على ما تقدم، فنؤكد نحن الموقعون أدناه أننا نرى ضرورة اتخاذ الخطوات التالية لإجتثاث الإرهاب من جذوره فى مصر لمواجهة هذه الهجمة الجبانة:
١ـ حل الأحزاب السياسية المبنية على خلفية دينية إعمالا للمادة (74) من الدستور، أو على الأقل مقاضاتهم بتهم التحريض وبث خطاب الكراهية
٢ـ إقالة وزير الداخلية وكافة القيادات الأمنية المسئولة عن متابعة الأنشطة الإرهابية واعتماد الأساليب العلمية للاستقصاء والتحري والبعد عن عمليات القبض العشوائي.
٣ـ احترام الدستور وتنفيذ القانون وتجريم خطاب الكراهية وتوقيع أشد العقوبات حزما بكل من يقدم على هذه الممارسة المهددة للوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي بأي وسيلة من وسائل الاتصال سواء من خلال خطب الجمعة أو دروس الوعظ أو البرامج التليفزيونية وخاصة القنوات التليفزيونية السلفية.
٤ـ شكيل لجنة مدنية من المثقفين وقادة الرأي وقيادات الأحزاب المدنية لمراجعة محتوى المقررات الدراسية في مدارس التعليم الأزهري بداية من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية، وتكون توصياتها ملزمة لمؤسسة الأزهر، وتكون أي مناقشة للأزهر لتوصيات اللجنة علنية.
٥ـ تشكيل لجنة من اتحاد كتاب مصر وقادة الرأي والتربية لمراجعة محتويات اللغة العربية والتربية الدينية في مراحل التعليم الثلاثة لتنقيتها من التطرف وسب وإنكار الآخر المختلف دينيا وزيادة جرعة الأدب الحديث في هذه المقررات.
٦ـ إضافة المرحلة القبطية لمراحل دراسة التاريخ في المقررات الدراسية بمراحل التعليم المختلفة وتشجيع مجال البحث فيها لطلبة الدراسات العليا، كما نقترح تعميم دراسة اللغة القبطية فى كليات اللغات والآداب ونشر الأشعار والقصص المصرية القديمة المسجلة باللغة القبطية.
٧ـ إعادة تأهيل خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف واستبعاد من لديهم أفكار متطرفة، ومنع دعاة خطاب الكراهية من الخطباء المنتدبين من العمل، وعدم السماح بإقامة الشعائر في المساجد التي يسيطر عليها أصحاب الاتجاهات المتطرفة.
٨ـ دعوة الكنائس المصرية الثلاث لعدم الزج بأنفسهم في المشهد السياسى والاكتفاء بالدور الروحى والدينى وعدم المشاركة في مواكب تزييف الوعي الجمعى للمصريين والإساءة للدور الوطني التاريخى للمسيحيين المصريين، ورفع الوصاية السياسية عن مسيحيى مصر.
٩ـ زيادة البرامج الثقافية والعلمية المسيحية في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وإظهار الدور التاريخي للكنيسة المصرية في مسيرة الحضارة والثقافة المصرية.
١٠ـ الدعوة الواسعة للتآخي بين أبناء الشعب الواحد وتشكيل مجموعات شعبية لحماية الكنائس وخاصة فى المناطق الملتهبة يتم تشكيلها من الشباب المسيحي والمسلم معا.
١١ـ فتح المجال العام امام الجماعات المدنية والديمقراطية من احزاب وجمعيات ومؤسسات وتوقف النظام الحاكم عن استهدافها وتخوينها لأنها تخوض الصراع مع التيارات الطائفية في المجتمع وتفضخ التمييز والطائفية سواء مارسته أجهزة الدولة أو جماعات وأفراد لا يمثلون الدولة
عاشت مصر وطنا للمحبة والسلام
عاشت مصر بتلاحم أبنائها
عاشت مصر موطنا للإخاء والعيش المشترك بين كل الأديان والمعتقدات
القاهرة في 22 إبريل 2017
التوقيعات