غلق المبنى الكنسي الجديد والأقباط يصلون في المبنى القديم.. هل إعلاء لكلمة المتشددين؟
نادر شكري ـ وطني ـ
لماذا يرفض أهالي عزبة سلطان باشا بمحافظة المنيا ، وجود كنيسة للأقباط بالقرية ، ومن له حق الاحتجاج وهناك قانون يحكم هذه الأمور ؟ ماذا يضر أهالي القرية من وجود كنيسة بالقرية؟ ولماذا الاعتراض على المبنى الجديد ، طالما كان يصلى الأقباط منذ فترة طويلة في مبنى صغير ملاصق للمبنى الجديد ولم تكن هناك أي اعتراضات؟
عزبة سلطان باشا يقرب تعدادها ما يقرب لـ2000 نسمة يمثل الأقباط منهم ما يقرب 400 نسمة، اقرب كنيسة لهم هي قرية صفط الخمر ، كان يصلى الأقباط منذ سنوات في احد المنازل بشكل اجتماعات روحية ومنذ 8 سنوات بدا الأقباط الصلاة بإقامة قداس أسبوعي بشكل غير منتظم ولكن مع تزايد الأعداد وصعوبة نقلهم لقرى أخرى قامت مطرانية المنيا وأبوقرقاص بشراء منزل مساحته 130 متر وتخصيص الطابق الأول منه للشعائر الدينية والطابق الثاني حضانة للأطفال.
· شراء مبنى جديد
تزايدت الأعداد وأصبح المكان الكنيسة لا يسع هذا العدد من الأقباط ، فقامت مطرانية المنيا وابوقرقاص بشراء مبنى ملاصق للمبنى القديم ومساحته 200 متر من قبطي بالقرية لاستخدامه كبديل للمبنى القديم والمبنى الجديد وهو عبارة عن ثلاثة طوابق الطابق الأول قاعة مناسبات ومكتب إداري وحمامات والثاني مبنى للكنيسة والثالث للحضانة وخدمة الاجتماعية وتم الصلاة فيها هذا العام كبديل للمبنى القديم الذي تم بيعه.
وتقدمت مطرانية المنيا وابوقرقاص بأوراق للجنة تقنين بناء الكنائس لتقنين “كنيسة الأنبا كاراس” بعزبة سلطان باشا وتم تقديم كافة الأوراق ورسومات المبنى الكنسي ضمن ملف الكنائس التي قدمت عن الإيبارشية كاملة.
· بداية الاحتجاج
عاش أقباط ومسلمو القرية في سلام وعلاقات طيبه طوال حياتهم بالقرية، ولم تحدث إلا مشكلات سوى بداية من يوم 6 يوليو الجاري، عندما حدثت تجمعات أمام مبنى الكنيسة من بعض المتشددين مرددين شعارات “مش عايزين كنيسة” وتدخل بعض العقلاء ومنعوا الشباب من الوصول للمبنى الكنسي، وفى اليوم التالي 7 يوليو خرجت مظاهرة من النساء لرفض وجود كنيسة ولكن الأمن منعهم حيث تم وضع قوة أمنية على المبنى الكنسي الذي دخل ضمن ملفات التقنين.
وعقب هذه الأحداث حاول البعض تهدئة الأوضاع ونشر كاهن الكنيسة القس يوستنيوس جرجس “بوست” يؤكد على المحبة والسلام وذلك في 12 يوليو قال فيها: “بالإشارة إلى الزوبعة الخفيفة التي حدثت…”علينا أن نسعى جميعنا لإزالة الفوارق وأي غبن، وتأكيد أواصر المحبة فيما بيننا، وشكراً لكل جهد يبذل من المسيحيين والمسلمين على حد سواء لوأد أية فتنة وإزالة أي احتقان، وشكر خاص لأجهزة الأمن على الدور الشريف الذي تقوم به لتثبيت أركان السلام في بلدنا. عاشت قريتنا العظيمة هادئة آمنة إلى المنتهى…وقام احد شيوخ القرية بالرد بنفس العبارات وخطب بتهدئة الأوضاع ووأد الفتنة وقدمت كلمات لنشر السلام والمحبة.
· عودة الاحتجاج
ظن الجميع أن الأمر انتهى وأن هذه كانت مجرد زوبعة وانتهت، وقام الشرطة بغلق المبنى الجديد بشكل مؤقت ، واضطر الأقباط للصلاة في المبنى القديم الضيق اللاصق للمبنى الجديد ، وفى يوم الجمعة الماضية 13 يوليو تجمهر الأهالي من المتشددين مرددين هتافات ضد الأقباط ، ورفضهم لوجود مبنى جديد بالقرية ومنعهم الأمن من الوصول لمبنى الكنيسة ، وظلوا متجمهرين بالشوارع مرددين هتافات التكبير ، ولكن دون أي أعمال عنف، وبناءا على وعد من احد المسئولين بعدم فتح المبنى الكنسي الجديد، انصرف المتجمهرين وسط تصفيق وزغاريد النساء دون القبض على أي من المتجمهرين وتطبيق القانون.
· بيان مطرانية المنيا
وفي اليوم التالي أصدرت مطرانية المنيا وأبوقرقاص بيانا رسميا لاستنكار ما حدث وقالت: “استنكرت مطرانية المسيحيين الأرثوذكس بالمنيا الهجوم على كنيسة الأنبا كاراس بعزبة سلطان باشا مركز المنيا الجمعة قبل الماضية، والتي أعقبها في اليوم التالي هتافات معادية، مع معاودة ذلك أمس الجمعة، احتجاجا على استخدام المسيحيين مبنى ملاصقا للكنيسة”.
كما استنكرت المطرانية، في بيان لها، تصريح أحد المسئولين بأنه سيتم تحقيق مطلب المعترضين، وسط صياحهم وتهليلهم.وأعلنت الكنيسة رفضها أن يفرض أي شخص إرادته على المسيحيين مهما كانت حيثياته، كما تثق في أن شرفاء المسئولين في الدولة لا يقبلون بهذا وقد تم التواصل بالفعل معهم، حيث أكدوا رفضهم التام لما حدث ووعدوا بالتعامل بحزم مع المحرضين، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار هذا السيناريو البغيض، لا سيما في ظل السعي الدؤوب للرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل ترسيخ قيم العدل والمساواة وتوطيد السلام في ربوع البلاد.
حاول بعض أهالي القرية عقد جلسة عرفية ولكن بعض الأقباط رفضوا ذلك، خوفا من يتحول الأمر لشروط عليهم بمنع الصلاة أو عدم الصلاة في المبنى الجديد ، والإبقاء على المبنى القديم الذي لا يتسع الأقباط ، ولكن اضطر الأقباط بعد منع الأمن دخولهم للمبنى الجديد الذي وضعت حراسة عليه ، أن يمارسوا طقوسهم بالمبنى القديم الملاصق للمبنى الجديد وإقامة قداس الأحد الماضي في سلام ، ولكن لم يتحدد الموقف من المبنى الجديد وهل سيتم إغلاقه إرضاء لبعض المتشددين الذين فرضوا قوتهم على القانون أم سيكون للقانون كلمته بإعلاء سيادة الدولة على الجميع .
وإذا كان أهالي القرية لم يعترضوا على قيام الأقباط بالصلاة بالقرية ، وهم يعلمون كاهن القرية ويذهب إليهم ، فماذا تغير الآن ، ولماذا يرفض الأهالي المبنى الجديد ومساحتها 200 متر ، إذا لم يعترضوا من قبل على المبنى القديم الذي لا يتسع لأعداد الأقباط وهو ما يظهر في الصور المعروضة التي حصلنا عليها ويظهر ضيق المكان وجلوس بعض المصلين على سلالم الطابق الثاني.
وما الفرق أن يصلى الأقباط في المبنى الجديد وهم كانوا يصلون في المبنى القديم الملاصق له ، ولماذا ظهرت بعض تعليقات أهالي القرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤكد العلاقة الطيبة بين أهالي القرية وهم يتحدثون عن عدد الأقباط بالقرية وانه لا يستحقوا وجود هذا المبنى ويتحدثون عن الفتنة وان هناك بعض من يريد إشعالهم وهم أنفسهم من ساهموا في هذا ، بالتجمهر الهتافات ورفض وجود كنيسة بالقرية والتي ظهرت في هتافات “مش عايزين كنيسة”.
· حق الصلاة
إن حق الصلاة وإقامة الشعائر الدينية هو حق يكفله الدستور والقانون ، وليس من حق اى مواطن أي أن كان أن يفرض سلطته وشروطه على الأخر في حق إقامة كنيسة أو لا أو الصلاة في مكان بعينه أو تبديله لان هذا الأمر يخضع لتنظيم القانون والجهات الرسمية ، وحيث أن مطرانية المنيا وابوقرقاص قامت بالشكل الرسمي والقانوني بالتقدم للجنة تقنين أوضاع الكنائس باسم “كنيسة الأنبا كاراس” فإذا لا يحق لأي شخص الاحتجاج حتى وان وقع أي أمر مخالف فمن يملك السؤال والاعتراض هو القانون ممثل في الجهات الرسمية وليس الأفراد الذين ارتكبوا مخالفة بالقانون دون محاسبه وهو التجمهر ، وبث الكراهية والتمييز دون محاسبة .
وإذا كان بعض أهالي القرية تحدثوا عن الفتنة ورفضها فكان بالأولى أن يسلكوا بشكل قانوني ، وليس بالتجمهر والاعتراض ، وان كان بعض الأهالي أيضا حاولوا تخفيف ما حدث أنهم بعض الصبية فهذا عذر أقبح من ذنب ، فمن الذي علم هؤلاء الصبية أن إقامة كنيسة خطأ أو وقع غير مقبول وأين كان العقلاء من هؤلاء الصبية وان كانت الفيديوهات التي حصلنا عليها من كاميرا الكنيسة الصور تكشف مشاركة في التجمهر لكل الفئات من رجال وشباب ونساء وأطفال في الاحتجاج ، وهو ما ننشره لنؤكد أن دولتنا تسير في إطار بناء المستقبل والذي لا يقبل سوى القانون وحده كحاكم بين الأفراد ، كما يؤكد أن مبادئ المواطنة هي أساس الدستور والذي أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى في عد مناسبات ورسخ قاعدة أن جميع البيوت بيوت الله كما قالها فى زيارتها لتهنئة الاقباط بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بالعيد ، وأعلن عن بناء اكبر كاتدرائية بالشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية ، لتكون رسالة للجميع .
· ما الذي تغير
والسؤال, إذا كانت عزبة سلطان باشا تعيش في سلام ومحبة لسنوات طويلة بين أقباطها ومسلميها فماذا حدث من تغير هل هناك أمور جديدة وقعت وهل هناك من يسعى لزعزعة هذا التعايش ، على الجهات الرسمية البحث والتحري في هذا التغير لاسيما أن هناك تيارات تسعى للعب على هذه الورقة وتفكيك قوة وتحالف 30 يونيو الذي اسقط الفاشية الدينية الاخوانية .
ورسالة لأهالي عزبة سلطان باشا من العقلاء إن وأد الفتنة يتم بالمحبة والحوار وليس بالتجمهر وحق الأقباط في الصلاة هو حق إنساني مثلك وانه لم يفوضك احد أو يعطيك سلطان لرفض هذا الحق ، وإذا كان هناك شيء ترى مختلف فيجب عليك احترام القانون وهو وحده من يحكم العلاقات ويفرض سيادة الدولة ، لان بلادنا تسير في تجاه مختلف وهناك مؤسسات تدير وتناهض أي تمييز .
ورسالة ثانية للجهات الرسمية نتمنى معرفة الأسباب القانونية لوضع حراسة على المبنى الجديد وان كان المبدأ في حق الأقباط في الصلاة قائم ويسمح لهم بالصلاة في المبنى القديم الضيق فماذا يضر الصلاة في المبنى الجديد وهل هذا الغلق قانوني ، وهل هذا إرضاء لبعض المحتجين من أهالي القرية ، وإذا كان هذا إرضاء لهم فهذه كارثة أكبر ، فكان بالأولى أن يترك الأمر للجنة تقنين أوضاع الكنائس التي تقوم بعملها الآن في زيارة جميع الأماكن وهي من تحدد ذلك .
بالصور .. القصة الكاملة لتجمهر أهالي عزبة سلطان بالمنيا لرفض مبنى كنسي جديد