in Arabic القتلة ليسوا فى «درنة»!

القتلة ليسوا فى «درنة»!

-

كريمة كمال ـ المصري اليوم ـ

هذا هو السؤال الذى يجب أن يطرح وأن يتم الرد عليه بصدق وصراحة.. لم تعد تجدى الكليشيهات.. لم تعد تجدى البروباجندا، فالثمن بات باهظا ويدفع من دماء الأقباط.. فلا تقل لى الإرهاب يستهدفنا جميعا ولا تقل لى إن الشرطة والجيش يدفعان الثمن أيضا فالاختلاف بات واضحا وضوح الشمس.. نعم الشرطة والجيش يسقط منهما شهداء وربما كل يوم خاصة فى سيناء لكن الاستهداف هنا للشرطة والجيش هو استهداف للدولة ولقواتها فى حربها ضد الإرهاب أما المدنيون فهم وضع مختلف تماما فلا يتم استهداف أى مدنيين عزل لأن المتشددين هنا لا يستهدفون المسلمين لأنهم إخوتهم فى العقيدة ومن هنا فعندما خرجت تصريحاتهم الأخيرة قبل الجريمة البشعة فى المنيا معلنين عن مزيد من الاستهداف للأقباط طالبوا المسلمين بالابتعاد عن مناطق تجمعات الأقباط…الأقباط هنا مستهدفون بوصفهم كفارا وسفك دمائهم حلال بل هو مطلوب، وهكذا استهلوا شهر رمضان تقربا وعبادة. الاختلاف هنا يتضح تماما عندما نتابع تفاصيل المجزرة التى رواها الناجون من أن المتشددين أو الإرهابيين، سموهم كما شئتم، قد خيروا الأقباط ما بين النطق بالشهادة وإعلان الإسلام وبين أن يقتلوا فاختاروا أن يقتلوا..

المسألة ليست سياسية بل هى ليست إرهابا كما نرى فيما يجرى فى باريس أو لندن أو برلين أو مانشستر.. هنا اختلاف واضح بين تفجير هنا وهناك انتصارا للإسلام كما يتصورون أو ثأرا له وبين أن يفجروا الكنائس للأقباط الكفار لأنهم يعيشون بينهم ويصرون على الاحتفاظ بعقيدتهم بينما هم يرون أن عليهم أن يتركوا هذه العقيدة الفاسدة كما يقول شيوخهم وينجوا بأنفسهم بأن يلتحقوا بالإسلام، لذا فهم يخيرونهم بين أن يعلنوا إسلامهم بالنطق بالشهادة أو أن يقتلوا.. هذا حتى مختلف عن تفجيرات الكنائس ربما لأنهم هنا وجها لوجه مع الضحية قبل القتل.

من هنا فلا تقولوا لى نحن جميعا مستهدفون لن أقول لا تهينوا ذكائى بل سوف أقول لا تهينوا جروحى وأحزانى.. الأمر جلى ولا يصلح فيه كليشيهاتكم ولا ما تردده أبواقكم الإعلامية.. هذا يا سادة قتل على الهوية وهو يختلف تماما عن الإرهاب..

القتل على الهوية يشارك فيه الجميع من الدولة التى تمارس التمييز ليل نهار.. إلى المجتمع الذى ترسخت قناعاته الطائفية ضد الأقباط وإذا لم تكونوا تصدقون فلن أقول تابعوا ما يجرى بالذات فى المنيا ليس فقط فى السنوات السابقة بل فى الأشهر الأخيرة بالتحديد.. بل سوف أقول تابعوا التعليقات على مجزرة المنيا واقرأوا حجم الشماتة والتشفى ليس فقط فى سفالة الإخوان المسلمين بما سطروه بل ما كتبه مصريون عاديون.. اقرأوا ما كتبه أحد المسيحيين كمشاهد من المستشفى الذى نقل إليه المصابون وكيف قال أحدهم «يستاهلوا» بينما قال آخر لهم وهو يمر من أمام المستشفى فى سيارته «تعيشوا وتنضربوا وهنفضل نضربكم برضو على طول» وأكمل طريقه فى هدوء، كما حكى عن الناس التى كانت- على حد تعبيره- «بتتفرج من البلكونات وتضحك».

هذا هو الواقع الذى أقسى من الرصاص الذى قتل به الضحايا.. لكنه للأسف واقع حقيقى اعترفوا به أولا إذا ما كنتم جادين حقا فى مواجهته أما إذا أصررتم على أسطوانة كلنا مستهدفون أو مصر مستهدفة فأنتم لا تفعلون شيئا سوى الاستعداد لتكرار ما ترددونه فى المجزرة القادمة التى من المؤكد أنها على مرمى أيام.

القتلة ليسوا فى «درنة».. القتلة يعيشون بيننا.. ليس مهما من يدرب أو يدعم أو يقدم السلاح من الخارج.. هذا تواجهه دولة لدولة أو لجماعات خارجة.. أما من يحتضن فى الداخل.. من يصفق لحظة القتل كما كتب أحدهم «المنيا تفرح».. من يترصد من المنزل المجاور.. من يكفر فى الميكروفونات بل على الشاشات وفى المدارس فى حصص الدين.. من يعطى المبرر الشرعى الذى يقتل أى ضمير أو إنسانية ويجعل من قتل المسيحى الأعزل نضالا من أجل الله..

من يواجه هؤلاء؟

علينا أن نعترف بأن الدولة لم تكن أبدا جادة فى المواجهة ربما لأن هذا الفكر قد تسلل إلى داخلها فهل هى جادة الآن؟ لكن السؤال الصعب حقا هو: هل بات ممكنا الآن بعد أن ترسخت العنصرية وتفشى التعصب سنوات طوالا أن تتم المواجهة أم أن «سبق السيف العزل» ولم نعد نملك سوى انتظار المذبحة القادمة لنعود نحصى الضحايا ونردد نفس الكليشيهات؟!

http://www.almasryalyoum.com/news/details/1142028

?s=96&d=mm&r=g القتلة ليسوا فى «درنة»!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

You might also likeRELATED
Recommended to you

كريمة كمال ـ المصري اليوم ـ

هذا هو السؤال الذى يجب أن يطرح وأن يتم الرد عليه بصدق وصراحة.. لم تعد تجدى الكليشيهات.. لم تعد تجدى البروباجندا، فالثمن بات باهظا ويدفع من دماء الأقباط.. فلا تقل لى الإرهاب يستهدفنا جميعا ولا تقل لى إن الشرطة والجيش يدفعان الثمن أيضا فالاختلاف بات واضحا وضوح الشمس.. نعم الشرطة والجيش يسقط منهما شهداء وربما كل يوم خاصة فى سيناء لكن الاستهداف هنا للشرطة والجيش هو استهداف للدولة ولقواتها فى حربها ضد الإرهاب أما المدنيون فهم وضع مختلف تماما فلا يتم استهداف أى مدنيين عزل لأن المتشددين هنا لا يستهدفون المسلمين لأنهم إخوتهم فى العقيدة ومن هنا فعندما خرجت تصريحاتهم الأخيرة قبل الجريمة البشعة فى المنيا معلنين عن مزيد من الاستهداف للأقباط طالبوا المسلمين بالابتعاد عن مناطق تجمعات الأقباط…الأقباط هنا مستهدفون بوصفهم كفارا وسفك دمائهم حلال بل هو مطلوب، وهكذا استهلوا شهر رمضان تقربا وعبادة. الاختلاف هنا يتضح تماما عندما نتابع تفاصيل المجزرة التى رواها الناجون من أن المتشددين أو الإرهابيين، سموهم كما شئتم، قد خيروا الأقباط ما بين النطق بالشهادة وإعلان الإسلام وبين أن يقتلوا فاختاروا أن يقتلوا..

المسألة ليست سياسية بل هى ليست إرهابا كما نرى فيما يجرى فى باريس أو لندن أو برلين أو مانشستر.. هنا اختلاف واضح بين تفجير هنا وهناك انتصارا للإسلام كما يتصورون أو ثأرا له وبين أن يفجروا الكنائس للأقباط الكفار لأنهم يعيشون بينهم ويصرون على الاحتفاظ بعقيدتهم بينما هم يرون أن عليهم أن يتركوا هذه العقيدة الفاسدة كما يقول شيوخهم وينجوا بأنفسهم بأن يلتحقوا بالإسلام، لذا فهم يخيرونهم بين أن يعلنوا إسلامهم بالنطق بالشهادة أو أن يقتلوا.. هذا حتى مختلف عن تفجيرات الكنائس ربما لأنهم هنا وجها لوجه مع الضحية قبل القتل.

من هنا فلا تقولوا لى نحن جميعا مستهدفون لن أقول لا تهينوا ذكائى بل سوف أقول لا تهينوا جروحى وأحزانى.. الأمر جلى ولا يصلح فيه كليشيهاتكم ولا ما تردده أبواقكم الإعلامية.. هذا يا سادة قتل على الهوية وهو يختلف تماما عن الإرهاب..

القتل على الهوية يشارك فيه الجميع من الدولة التى تمارس التمييز ليل نهار.. إلى المجتمع الذى ترسخت قناعاته الطائفية ضد الأقباط وإذا لم تكونوا تصدقون فلن أقول تابعوا ما يجرى بالذات فى المنيا ليس فقط فى السنوات السابقة بل فى الأشهر الأخيرة بالتحديد.. بل سوف أقول تابعوا التعليقات على مجزرة المنيا واقرأوا حجم الشماتة والتشفى ليس فقط فى سفالة الإخوان المسلمين بما سطروه بل ما كتبه مصريون عاديون.. اقرأوا ما كتبه أحد المسيحيين كمشاهد من المستشفى الذى نقل إليه المصابون وكيف قال أحدهم «يستاهلوا» بينما قال آخر لهم وهو يمر من أمام المستشفى فى سيارته «تعيشوا وتنضربوا وهنفضل نضربكم برضو على طول» وأكمل طريقه فى هدوء، كما حكى عن الناس التى كانت- على حد تعبيره- «بتتفرج من البلكونات وتضحك».

هذا هو الواقع الذى أقسى من الرصاص الذى قتل به الضحايا.. لكنه للأسف واقع حقيقى اعترفوا به أولا إذا ما كنتم جادين حقا فى مواجهته أما إذا أصررتم على أسطوانة كلنا مستهدفون أو مصر مستهدفة فأنتم لا تفعلون شيئا سوى الاستعداد لتكرار ما ترددونه فى المجزرة القادمة التى من المؤكد أنها على مرمى أيام.

القتلة ليسوا فى «درنة».. القتلة يعيشون بيننا.. ليس مهما من يدرب أو يدعم أو يقدم السلاح من الخارج.. هذا تواجهه دولة لدولة أو لجماعات خارجة.. أما من يحتضن فى الداخل.. من يصفق لحظة القتل كما كتب أحدهم «المنيا تفرح».. من يترصد من المنزل المجاور.. من يكفر فى الميكروفونات بل على الشاشات وفى المدارس فى حصص الدين.. من يعطى المبرر الشرعى الذى يقتل أى ضمير أو إنسانية ويجعل من قتل المسيحى الأعزل نضالا من أجل الله..

من يواجه هؤلاء؟

علينا أن نعترف بأن الدولة لم تكن أبدا جادة فى المواجهة ربما لأن هذا الفكر قد تسلل إلى داخلها فهل هى جادة الآن؟ لكن السؤال الصعب حقا هو: هل بات ممكنا الآن بعد أن ترسخت العنصرية وتفشى التعصب سنوات طوالا أن تتم المواجهة أم أن «سبق السيف العزل» ولم نعد نملك سوى انتظار المذبحة القادمة لنعود نحصى الضحايا ونردد نفس الكليشيهات؟!

http://www.almasryalyoum.com/news/details/1142028