ابرام مقار ـ جود نيوزـ
في الثالث عشر من أكتوبر الماضي أتصل بي صحفي من جريدة مصرية شهيرة وسألني عن القرار الذي أصدره د. جابر نصار رئيس جامعة القاهرة بشأن ألغاء خانة الديانة من كافة الأوراق الرسمية بالجامعة، فقلت “أنه أفضل قرار صدر منذ 30 يونيو”، وقد كنت في ذلك الوقت أتابع هذا الرجل وقراراته الجريئة، مثل قانون منع النقاب للعاملين أو هيئة التدريس بالجامعة، وغلق زوايا الصلاة الموجود بأروقة الجامعة والإكتفاء بمسجد الجامعة فقط، كذلك إقرار دراسة السيرة الذاتية لطلعت حرب بدلاً من عقبة بن نافع. قرارات تنبع من إيمانه بأن محاربة الأرهاب تبدأ بمحاربة التطرف، ولم يعبأ بالهجوم السلفي الشديد عليه، ولأن القرارت الناجحة تتبعها نتائج ناجحة، فقد حولٌ الجامعة من مؤسسة مدينة إلي مؤسسة تمتلك مليار و 840 مليون جنية في أربع أعوام فقط. وبعد إنتهاء مدة د. نصار منذ أيام، صدر قرار جمهوري صبيحة الأربعاء الثاني من أغسطس الماضي بتعيين الدكتور “محمد عثمان الخشت” رئيساً للجامعة، وبعدها بدقائق تكتب أحدي طالباته علي الفيس بوك ما يلي: “وانا في ثالثه أداب فلسفه القاهره كان عندي دكتور متعصب متعمد يهين المسيحين وكان يدخلنا في نقاشات ومقارنه اديان وكتير اشتكينا ومحدش سأل فينا ، قرر علينا كتاب (لماذا أسلمت) للفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي، ولما اعترضنا قال هشيلكم المادة ،، الدكتور المتعصب فوق الوصف، اليوم اصبح رئيس جامعه القاهره، لسه حد متفائل في مصر ؟؟؟؟؟”. وكتبت طالبة أخري تُدعي أسماء علي صفحتها عنه : “فيه موقف حصل مش بنساه ،في يوم كنت قاعدة في المدرج انا وزميلتين مش محجبتين وكنا قاعدين قدام فراح مشاور لـ ٣ بنات محجبات وقالهم اتفضلوا قدام أنا حابب البنات المتدينات يبقوا في المقدمة “، مما دفعنا للبحث عنه، لنجد لسيادته تسجيلاً تلفزيونياً علي قناة أقرأ الدينية حيث كان يعمل مذيعاً بها، متهماً المسيحية واليهودية بالإرهاب ومنتقداً فيه سفر التثنية و سفر يشوع ، وكيف أن الله كان يأمر اليهود في تلك الأسفار بقتل الجنود والأطفال والنساء والحيوانات وقلع الزرع. وفي نوفمبر 2015 عبر حوار لصحيفة الوطن، يكرر نفس طروحات المتشددين بشأن أن داعش صناعة غربية لتفتيت وتفكيك الدول العربية للسيطرة علي البترول، وفي حوار لصحيفة النبأ في فبراير هذا العام، تحدث عن ربط الإصلاح الأقتصادي بالألتزام الأخلاقي ، وكان أول قرار أعلنه بعد توليه المنصب بساعات، هو عزمه إنشاء كلية للدراسات الإسلامية.
خطابات وأفكار طالما سمعناها من المتشددين والسلفيين ولا تبشر بأي بادرة علي الأطلاق. بل تمثل ردة علي ليبرالية وفكر وثقافة وتوجه سلفه الدكتور جابر نصار. والحقيقة أن هذا التباين الكبير في شخصية د. الخشت أن يأتي بعد تنويري مثل د. نصار كشف أجابات الكثير من الأسئلة كنا نتوقف عندها:
– هل السلطة الحالية تريد حقاً وبالحقيقة أجيال أكثر إعتدالأ و خطاب أقل تطرفاً و مجتمع أكثر تعايشاً؟
الأجابة وبكل أسف لا تريد ، وتعيين د. الخشت بعد د. نصار هو أكبر دليل
– ولكن الرئيس طالب بتجديد الخطاب الديني فكيف يكون هذا؟
حينما يكون الأمر بالكلام فقط والواقع تقريباً عكسه، نصبح أمام خطاب يتم تصديره للخارج، وقد حضرت مؤتمر في يونيو الماضي شارك به أعضاء من الكونجرس وجميعهم أشادوا بمطالبة الرئيس بتجديد الخطاب وأن تحفظوا علي عدم تغير شئ في الواقع
– رئيس الجمهورية لا يستطيع فعل أمر بأتجاه الدولة المدنية لأن المجتمع متطرف؟
هذا غير صحيح، فقد إتخذ جابر نصار قرارات هامة بإتجاه الدولة المدنية ولم يعبأ بمتشددين ولا أرهابهم رغم أنه القوة و الحماية التي لدية أقل كثيراً مما يتمتع بها الرئيس
– إذا لم يعجبكم الحكم الحالي فمن البديل؟
لن تري بديل.. فكل بديل كفئ سيتم أزاحته ويتم إستبداله بالأقل فتنظر حولك فلا تجد غير من هو أسوء فتردد تلك العبارة “لا يوجد بديل”
– كيف وصل المجتمع والدولة المصرية إلي هذا القدر من التراجع علي كافة الأصعدة؟
في القرن الماضي جندت الولايات المتحدة مسئول كبير في الإتحاد السوفيتي، وعند سؤاله “كيف أستطعت أن تقضي علي امبراطورية السوفيت في ثلاث عقود فقط وبلا حرب”، قال بأن أختار للوظائف، الأردئ و الأسوء والأقل كفاءة، فتحول الإتحاد السوفيتي إلي أرض خربة”، ونحن للأسف منذ يوليو 52 يتم إختيار الأقل كفاءة للوظائف الهامة ، وعلي مدي 65 عام يتم إستبدال كل “جابر نصار” بـ “عثمان الخشت”
________________
http://www.good-news.ca/4233